لوردسار (١) مستمرا في مدة طويلة جملة مال ، ومن المعلوم أنا قمنا غاضبين لله تعالى على حين فترة والحال حويل والمال مويل فقذفنا بنفوسنا في بحار الجنود ، واستظللنا بخوافق البنود ، في مقامات تشخص فيها الأبصار ، وتبلغ القلوب الحناجر ، فما بعنا شيئا من الوصايا ، ولا خطر لنا في بال ، ولا يخطر إن شاء الله تعالى ، وكل وصية باعوها فإنا ننقض بيعها لكونه خلاف شرع الإسلام ، وقبضوا الزكوات ، والحقوق الواجبات ، ودفعوها للظالمين مغارما ، فما عاب ذلك منهم عائب ، ولا شاب إيمانهم عندهم شائب ، فلما فعلنا [بعض] (٢) ما فعلوه ولنا ولاية على الأمة عامة في النفوس والأموال ، بحكم الكبير المتعال ، عابوا وشابوا ، وذهبوا في الطعن كل مذهب ، هذا وهم يخضمون أموال الله خضم مسنات الإبل نبتة الربيع عند إجماعه ، فما سدوا ثغرا ، ولا استنزلوا عدوا من الظالمين قهرا ، ولا أحدثوا فيها قتلا ولا أسرى ، ولا أزالوا من شيء من أرض نكرا ، ولا حموا من أنفسهم إلا بحبل من الله وحبل من الناس بذمة أو جوار كما نعلمه منهم ، ويعلمه كافة من عرفهم.
فأما حبل من الله تعالى فلا حبل ، فهم أسوأ في هذا الباب حالا من اليهود والنصارى والمجوس وسائر أنواع الكفر ، فإن لهم من الله حبل الذمة ، وأشعارهم تشهد بذلك إلى كل قبيلة أشرافهم وعوامهم ، أجوارنا لا ينكر ذا منصف هل يكون من هذه حاله يعترض على من سد الثغور ، وأصلح الأمور ، وحفظ الجمهور ، وأسر عفاريت الظالمين ، واستعبد شياطين الآثمين ، وطهر الأرض من أدناس
__________________
(١) ورد سار : قال محقق (السيرة المنصورية) الأمير الكبير الأعز المختار ملك الأكراد مصطفى علم الدين وردسار بن بنامي الشاكاني ... هكذا جاء اسمه على المنارة الغربية بالجامع الكبير بصنعاء. كان الأمير وردسار من كبار قادة الأيوبيين وظل على ولائه للملك المعز إسماعيل إلى أن وقع الخلاف بينهما فانضم إلى صفوف الإمام عبد الله بن حمزة في الحادي عشر من جمادى الآخرة سنة ٥٩٨ ه.
(٢) سقط من (أ).