ونحن نروي بالإسناد الصحيح إلى محمد بن جرير رفعه إلى أبي بكر : إن توبة المتمرد لا تقبل ؛ فلا يقبل توبة متمرد ؛ ولأن جنود الأسود الكذاب العنسي ـ لعنه الله تعالى ـ لما قتل في صنعاء تذبذبت جنوده بين نجران وصنعاء ، وهم يعرضون التوبة ، فلم يقبل منهم بمشهد من الصحابة ، ولم ينكر أحد ، ولم تزل السيوف تأخذهم وهم يقتلون ويقتلون ، ويجأرون بالتوبة والإسلام ، فلم تقبل توبتهم إلى أن قتل آخرهم في طريق الأخابث ؛ فاجتث دابرهم ـ أخزاهم الله تعالى ـ وهم على متون الخيل ، والسيوف في أيمانهم يمنعون بها سربهم ، ويكشفون من بين أيديهم ؛ فكيف يكون حال المطرفي المخذول ، الذي يظفر به الحق فيظهر التوبة ، واعتقاد مذهب أهل الحق وإمامة الإمام.
هل ألقيت هذه العلوم في قلبه إلقاء؟ أم هي وحي؟ أم أنعم النظر عند ما أحيط به ، فذلك الوقت وقت الشغل لا الفكر. فهذا أمر عجيب ؛ إنما يجوز على من حرم التوفيق ولم يرزق لذة التحقيق.
[الإكراه على الزكاة]
وأما قوله : لم أكره الإمام الرعية على الزكاة دون الصلاة؟
الكلام في ذلك : أن الزكاة يمكن الإكراه عليها ، وتصح في الشريعة من دون النية ، ولهذا يجب على اليتيم والمجنون ، وساقط التكليف إخراج الزكاة ، ويلزم ذلك وليّه الإمام أو غيره ، وقد أخرج علي عليهالسلام زكاة أموال آل أبي رافع ـ وهم يتامى في حجره ـ فلما بلغوا ، أو آنس رشدهم ، أخرج أموالهم فوزنت فنقصت ، فقالوا : يا أمير المؤمنين هذه أموالنا ناقصة. فقال : احسبوا صدقتها لما مضى من السنين ، فحسبوا فوجدوا الناقص الصدقة بغير زيادة ولا نقصان.