مجراه وهو العلم بالجملة ، ولأنه لو كان العلم يتعلق بما يدخل تحت العام تعلق المفردات لكان قد تعلق به على سبيل التفصيل ، ولا يجوز تعلق العلم الواحد بأزيد من معلوم واحد على سبيل التفصيل ؛ لأنه لو تعدى المعلوم الواحد ـ ولا دليل على وجوب قصره بعد تعديه ـ لأدى إلى كون الواحد منا عالما بجميع المعلومات ، ومعلوم خلافه ، فلا بد مما قلناه أولا وهو : أن العموم جار مجرى الشيء الواحد ، فيتعلق به العلم على الوجه الذي لأجله صار في حكم الشيء الواحد ، فلا يدخله التفصيل والتجميل لما بيّنا.
المسألة الخامسة [هل المعلومات صور قائمة بالعالم بها؟]
قال تولى الله هدايته : هل المعلومات عند الموصوف بالإحاطة بها حتى استحق صفة كونه عالما بها صورة متحصلة قائمة بذاته كصورة الدار في نفس الباني لها قبل بنائها حتى استحق صفة كونه عالما بها ؛ ليصح البناء على نفس ما علم أو على وجه آخر ، أو لا يصح ذلك على الإطلاق؟.
الجواب عندنا : إنه لا يصح حصول صورة المعلومات في نفس العالم بها ؛ لأن النفس غير متحيزة عند من يقول هذا القول ، والمعلومات منقسمة إلى متحيز وغير متحيز ، ومحال قيام المتحيز فيما ليس بمتحيز ، ومحال أيضا قيام ما ليس بمتحيز بما ليس بمتحيز ؛ لأنه لا يكون أحدهما قائما بالآخر ، والآخر مقوما به ، أولى من العكس ، فيؤدي إلى أن يكون قائما بنفسه من حيث قام به غيره ، غير قائم بنفسه من حيث لم يستقل بنفسه ، فيكون قائما بنفسه غير قائم بها ؛ ولأن غير المتحيز متضاد ، كالبياض والسواد ، ومحال قيامها بشيء واحد في حالة واحدة ؛ ولأن الباري عزوجل أجل المعلومات ، ومحال حصوله في شيء من الأشياء من نفس وغيرها ،