الجواب : قد تكلمنا في حقيقة العلم وحده ، وأنه لا يدخله التفصيل في نفسه ، وبينا أنه تعالى لا يجوز أن يكون عالما بعلم ؛ لأن العلم إما قديم أو محدث كما قدمنا ، ولا قديم سواه ، ويستحيل أن يكون عالما بعلم محدث ؛ لأن إحداث العلم لا يصح ممن ليس بعالم.
وإذا كان عالما قبل إحداثه استغنى عن إحداثه ، وقد دل أن كونه عالما لا يفتقر إلى وجود علم به علم ، بل هو عالم لذاته ، كما قدمنا ولا يجوز أن يكون ذاته تقدس عن ذلك محلا ، لأن المعقول من المحل المتحيز الذي يجوز وجود العرض فيه ، فيكون العرض حالا فيه ، ولا يجوز في الباري أن يطلق عليه لفظ المحل ، ولا معناه ؛ وإن أراد بحقيقة علمه ما يغنيه بالمعلوم ، فقد بيّنا أيضا أنه لا يجوز وجود المعلوم في العالم فضلا عن وجوبه.
المسألة الثانية عشر [هل يصح أن يكون الله عالما بالمعدومات؟]
قال تولى الله هدايته : قيل : إيجاده أعيان ما أوجد لثبوت كونه سابقا في الوجودية ، إذ قدمه لا أول له وذلك من شرائط وجوب إلهيته فيما ذا فيما لم يزل (١) كأن يتعلق علمه والأعيان غير موجودة ، ولا عنده صور معلومة قائمة بذاته مفصلة ، ومحال أن يكون غير عالم بها ؛ إذ لا يصح مدار الإضافة على غير وجودية لمتضايف حتى تكون هي معلومة عند عدة الأعيان ـ أعني قبل إيجادها ـ كالسماء والأرض والنجوم وما بينهما؟
الجواب : قد بيّنا تضايف العلم والمعلوم ؛ وأنه لا يحتاج إلى الوجودية في
__________________
(١) العبارة غير مفهومة ، وهي كذا في (أ) ، وفي (ب) : [من شرائط وجوب إلهيته فتمادا فيما لم يزل].