التضايف ومثلناه بالقدرة ، وأكدناه بذكر ما علمنا من الحساب ، والعقاب ، والجنة ، والنار ، وأيضا فإنا نعلم أفعالنا قبل وجودها ، ولو لا ذلك لما أوجدناها محكمة ، وبعد عدمها فيما ذا يتعلق علمنا ، ومعلوم أنه لا بد من التعلق إذ كان المعلوم ذاتا كما سبق ؛ لو لا أن العلم يتعلق بالمعدوم كما يتعلق بالموجود ، فثبت أنه لا يجب وجود الأعيان معه في الأول ليصح كونه عالما بها ، بل يكفي في ذلك أن يكون مما يصح العلم به والخبر عنه ، وقد صح العلم بها في حالة عدمها بل وجب كونه عالما بها ، ولو لا ذلك لما وجدت محكمة وصح الخبر عنها قبل الوجود ، ولذلك أعلمنا الباري سبحانه بما أعده للفريقين قبل وجوده ، وكذلك بعده ، فيوجد تقدست أسماؤه من معلومه ما يتعلق به الصلاح ، لا لضرورة تلجئه ، ولا لحاجة تدعوه ، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
المسألة الثالثة عشر [حول حقيقة المعلوم وما يترتب عليها]
قال تولى الله هدايته : كل معلوم محصور الجملة ؛ وذلك أن العلم هو فهمك المعلوم على ما هو به ؛ وفهمك المعلوم يلزم منه إما فهمك الجملة أو البعض ، والتبعيض لا يلزم منه فهم المعلوم على ما هو به ؛ لأنه لا يحصل بفهمه فهم حقيقة جملة المعلوم ؛ لأن الذي لم يعلم منه لم يندرج تحت العلم فيكون مفهوما منه حقيقة ، وهذه صفة نقص في العلم ؛ لأن ما لم يعلم منه إما أعظم مما علم ، وإما دونه ، أو مماثلا ، أو مخالفا ، أو أعظم في القوة ، أو أضعف ؛ وإما أشرف أو أحسن ، فإذا [حقيقة] (١) العلم أن تفهم حقيقة المعلوم على ما هو به ، وكل معلوم محصور الجملة وهذا فهو إيضاح ما هو العلم وتنقيحه وما يساوق إليه من لوازمه ، فهل
__________________
(١) كذا في (ب) ، وفي (أ) : حقيقته.