الباري سبحانه يعلم ذاته فيكون جملة محصورة بعلمه ، وكل جملة محصورة فإن لها حدا تقف عنده ، أو لا يعلم ذاته ، وهو موجود فيحصل موجود هو به غير عالم؟
الجواب : قوله : كل معلوم محصور الجملة ؛ غير مسلم على الإطلاق ؛ لأن الباري عزوجل أجل المعلومات ، وليس بجملة ؛ لأن الجملة ما تركب من أشياء فصار في حكم الشيء الواحد ، كجمل الأعداد نحو العشرة [والمائة] (١) تقول : عشرة واحدة ، ومائة واحدة ، وجملة الجسم ما تركب من جواهر مؤتلفة طولا وعرضا وعمقا ، تقول : من ذلك جسم واحد ؛ وجملة الإنسان ما تركب من أعضاء مخصوصة ؛ تقول : إنسان واحد ، وكذلك سائر الجمل ؛ فالحصر في الجملة فرع على الجملة ؛ لأنه إذا كان عددا انحصر ببلوغ غايته التي هي موضوعة له ، والباري يتعالى عن ذلك.
وقوله : وفهمك المعلوم ، يلزم منه إما فهمك الجملة أو البعض ، مسلم متى كان المعلوم [الجملة] (٢) ؛ وقد بيّنا أن القديم تقدس ليس بجملة ؛ لأنه لو كان جملة لكان مركبا كما قدمنا ، والتركيب دلالة الحدث وهو تعالى قديم.
وقوله : والبعض والتبعيض لا يلزم منه فهم المعلوم على ما هو به ؛ لأنه لا يحصل بفهمه فهم حقيقة جملة المعلوم ، غير مسلم على الإطلاق ؛ لأن فهم البعض قد حصل منه فهم حقيقة المعلوم الذي هو البعض على ما هو به [فإن أراد أن فهم البعض لا يحصل منه فهم الكل فذلك ثابت ، ولكنه قد يتناول المعلوم الذي هو البعض على ما هو به] (٣) ، وكلما ذكر من التفصيل والتطويل مبني على أن الباري
__________________
(١) في (ب) : فالمئه.
(٢) في (ب) : جملة.
(٣) سقط من (أ) ، وهو في (ب).