السماوات والأرض على المكلفين وغيرهم من الأحياء ، فلا يقال : يجب على المتفضل أن يتفضل لا محالة ؛ لأن للمتفضل أن يتفضل وأن لا يتفضل ، ولأنه لا دليل على أنه أراد [إيجاد] (١) ما لا نهاية له من السماوات والأرضين ، فيكون إذا لم يفعل انكشف لنا أنه قد رجع عما كان أراده ، بل لو أراد أن يوجد إلى غير غاية لفعل ، ووجوب كونه قادرا ، وجواز وجود الفعل ثابتان لم يزولا ، ولكن لا يلزم وجود الفعل لا محالة ؛ لأن القادر قد لا يفعل ما هو قادر عليه مع وجوب كونه قادرا ، وجواز وجود المقدور لأنه لا يمنع أن يصرفه بعض الصوارف عن إيجاد مقدوره الذي يجوز وجوده من جهته فلا يوجده ، وقد يكون الصارف علمه بأن على الغير في إيجاده مضرة ومفسدة ، أو علمه أن ذلك الفعل قبيح إلى ما شاكله ، فلا يلزم ما ذكره على حال.
المسألة العشرون [هل الفصل بين القادر والمقدور عينا؟]
قال تولى الله هدايته : تأخر المقدور عنا في الوجود يقتضي فضل (٢) زمان ، أو ما تقديره تقدير الزمان وهو الحين الذي لم يكن فيه موجودا إلى أن أوجده ، فإن كان ذلك الفضل (٣) شيئا موجودا لزم أن يكون محدثا ؛ إذ لا موجود مع الإله غير ما كان محدثا بإحداثه إياه ، وإن كان في أفكارنا وفي القول منا فقط ، ولا عين له في أن يكون موجودا ، فذلك غير موف لحقيقة ولا فضل حسب أن لا فائدة نجيد بها بما نضعه في أفكارنا دون أن يكون له وجود ، مثلما نضع أن إنسانا بصفة حجر وبصفة
__________________
(١) في (ب) : لإيجاد.
(٢) كذا في النسختين : ولعله : فصل.
(٣) كذا في النسختين.