الأولى أن القديم تعالى سابق للمحدث ، والعلم بالفضل بينهما ثابت ، ولا يلزم وجود الفضل الذي رجع به إلى الجوهر أو العرض أو الجسم ، لأنا قد بيّنا أنا نعلم الفضل ، وليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ، بل هو راجع إلى إثبات الأولية للمحدث وسلبها عن القديم ، فإن عني ما نضعه في أفكارنا من المفضل بين المحدث والقديم علمنا أن الباري متقدم على ما سواه فمسلم ، ولكن من أين أن ذلك لا حقيقة له ، وقد ذكر أن المعلوم متى لم يكن موجودا فلا حقيقة له وذلك باطل بما قدمنا في المسائل الأول فلا وجه لإعادته ، وهذا هو الكلام في هذه المسألة ، وظهور الفضل بين الحادث والقديم يغني عن الإطناب في إيضاحه ، لأن القديم هو الذي لا غاية ينتهي إليها فيكون معدوما قبلها ، ثم يصير موجودا ، بل هو موجود أزلا وأبدا ، والمحدث هو الموجود الذي ينتهي إلى غاية يكون قبلها معدوما ، ثم يصير بعدها موجودا ، فأي فضل أظهر من هذا ، وقد انحسم ما فرعه على أصل السؤال بانحسام أصل السؤال وبطل ببطلانه.
المسألة الحادية والعشرون [هل الفضل عرض أم جوهر؟ أم جسم؟]
قال تولى الله هدايته : إن كان عرضا فهو في محل ؛ إذ لا عرض يقوم بنفسه ، وإن كان عرضا لا في محل ؛ فما الدليل على وجوده ، وإن وجد مع انتفاء المحل فهو قائم بنفسه ، ويبطل كونه عرضا ، ويلزم إما أن يكون إما جسما أو جوهرا فردا ، والزمان والفضل الذي تقديره تقدير الزمان لا يصح أن يكون جوهرا ولا جسما ؛ إذ هو عرض متضاعف كالطيف والفوق والتحت ، وبالجملة العرض لا يكون سابقا للجوهر؟