الإرادة ، لأنه لا فرق بين قولنا : بالفاعل أو بإرادة ، وبين قولنا : أو العلة ، ولذلك مرادنا في نظائره ، ولا يلزم إذا كان مريدا بإرادة محدثة كما بينا ما ذكره من التثنية وإثبات قديمين ، لأنا أثبتنا محدثا ولم نثبت قديما ، ولا يلزم من إثبات محدث إثبات قديم مع الله ، والتثنية موضوعة لإفادة قديمين تصدر عنهما الحوادث ، فلا يلزم على ما قلنا ما قاله ، وما ذكره من أنه لو كان مريدا لذاته لعم المرادات جميعا لازم لمن يقول : إنه مريدا لذاته ، لكنا لا نقول : إنه مريدا لذاته ، بل يمنع من ذلك كما قدمنا ، وقد قسم في هذه المسألة وفي غيرها قسما غير حاصرة ، لكنّا اعتمدنا على اطراح المسامحة وتوخينا السمح في الأمور.
المسألة الرابعة والعشرون [في قيام الإرادة بالذات]
قال تولى الله هدايته : هل إذا حصل لنا الاعتبار الصادق وحقيقتين كما حصل لنا من اللون والمتلون حقيقتين ليست إحداهما الأخرى وليس اللون متجردا في الوجود عن المتلون بل في الاعتبار فقط ، وكذلك إرادتنا ، فإذا وجبت ذات وإرادة بكون كل واحدة منهما قائمة بنفسها غنية في وجودها عن الأخرى أو إحداهما في حكم وجودها قائمة بنفسها مفتقرة في وجودها إلى الأخرى ، أو تكافئا الحكم في فقد كل واحدة منهما مع قيامها بذاتها إلى الأخرى أو إحداهما مفتقر في وجودها إلى الأخرى وقائمة بها ، ونفرض أن تلك هي حقيقة الإرادة فتكون قائمة بالذات إذ لا يصح ذلك في الذات؟
الجواب : قد حصل لنا الاعتبار الصادق حقيقتين ، وهما الإرادة والمريد كما قدمنا في المسألة الأولى ولا يصح تمثلهما باللون والمتلون ، لأن اللون مستحيل