وجوده لا في متلون ؛ لأنه يؤدي إلى خروجه عما هو عليه في ذاته من حيث أن مقتضى صفة ذاته هي أن تكون هيئة للمحل ، فكيف يجوز وجوده لا في محل ، وقد بينا استحالة حلول إرادة الباري سبحانه ، فلو قال قائل بخلوها أدى إلى خروجها عما هي عليه في ذاتها ؛ لأنها لما هي عليه في ذاتها لا توجب إلا بشرط الاختصاص ، واختصاصها بالباري ليوجب له كونه مريدا يقتضي بوجودها لا في محل ، إذ لا اختصاص في حقه أبلغ من ذلك ، وإنما وجب حلول الإرادة في الواحد منا لما قدمنا من أنها لا توجب إلا بشرط الاختصاص ، والاختصاص بالواحد منا لا يكون إلا بالحلول ، فلذلك أوجبنا حلول الإرادة في الواحد منا ، والإرادة محتاجة إلى الباري تعالى حاجة الفعل إلى الفاعل ، ووجودها لا في محل لا يوجب استغناءها عن الباري ، لأن العالم عندنا لا في محل وهو محتاج إلى الباري سبحانه ، وإنما قلنا : [بأنه] (١) لا في محل ، لأنه لو كان في محل لأدى إلى افتقار المحل إلى محل فيتصل ذلك بما لا نهاية له ، وذلك محال كما ذكرنا في نظائره ، ولا يجوز كون الباري تعالى محتاجا في وجوده إلى الإرادة ؛ لأنه واجب الوجود ، وواجب الوجود مستغن عن مؤثر في وجوده ، وقد بيّنا كيفية وجودها وقيامها بنفسها ، يعني أنها لا تحتاج إلى محل وإيجابها للباري كونه مريدا وأن قيامها بذاته بمعنى حلولها فيها محال ، لأنه ليس بمحل للأعراض بيانا يغني عن الإعادة.
المسألة الخامسة والعشرون [هل الإرادة قديمة وقائمة بذاته؟]
قال تولى الله هدايته : وهل إذا وجبت الحقيقتان : ذات وإرادة ، هل الذات والإرادة معا في القدم ، فيكون تعالى مريدا بإرادة قديمة وقائمة بذاته ، أو ليس
__________________
(١) سقط في (أ).