وجوب كونه مريدا ، وكيفية وجود الإرادة ، فإنها محتاجة إلى الباري حاجة المحدث إلى المحدث ، والذي لأجله قلنا لا يجوز وجودها في بعض الأحيان هو لأنها كانت بأن تكون إرادة له أولى [من] (١) أن تكون إرادة للباري تعالى ، وقد بيّنا أنه لا بد من كونه مريدا بإرادة ؛ لاستحالة فقدان كونه مريدا ، واستحالة كونه مريدا لذاته ، أو بالفاعل ، وقد ثبت أنه لا بد من وجود الإرادة ، وبيّنا استحالة كونها قديمة ، ومع وجودها وبطلان قدمها لا بد من حدوثها ، وقد بطل كونها موجودة في محل محدث من عرض أو جوهر أو جسم (٢) ، ولا يجوز حلولها في القديم سبحانه ، لأنه ليس بمحل الأعراض ، فبقي أنها لا في محل ، ولا يجوز القول بأن الباري شرط في وجود الإرادة ؛ لأن الشرط هو ما صحح وجود المشروط ، ولم يكن له تأثير في وجوده ، وصحة وجود المشروط غير الوجود ، فالمصحح غير الفاعل ؛ لأن المصحّح لا يخرج المصحح من العدم إلى الوجود والفاعل [مختص] (٣) بذلك والفرق بينهما ظاهر ، ولعله سلك في ذلك طريقة التجوز ، ولكن لا يجوز إجراء المجاز عليه سبحانه إلا بإذن شرعي ، ولا إذن شرعي ، فلا يجوز إطلاقه.
المسألة السابعة والعشرون [هل إرادة الله موجودة بلا محل؟]
قال تولى الله هدايته : هل يصح أن تكون الإرادة محدثة ولا قائمة بذات سواه ، وليست بجسم ولا جوهر ، والعرض لا يستقل بنفسه ، فيغني عن محل مع دعوى الحدوث؟
__________________
(١) سقط من (أ).
(٢) في (ب) : من عرض وجوهر وجسم.
(٣) في (أ) : يختص.