الجواب : قد قامت الدلالة على وجودها لا في محل ، والدلالة لا تقوم على ما ليس بصحيح ، فصح وجودها لا في محل.
وقوله : العرض لا يجوز وجوده إلا في محل ، دعوى مجردة عن البيان والبصيرة ، وما المانع من وجود بعض الأعراض لا في محل؟ وكيف يدّعى المانع مع [قيام وجود] (١) قيام الدلالة على وجودها لا في محل؟ فإن قال : ليست أسماء العرض إلا في محل ، فالمرجع بذلك إلى مصالحته لنفسه ، ويجب حينئذ اتباع الدليل ، فما دل عليه كان الاصطلاح على التسمية فرعا عليه ، وقد ذهب بعض العلماء إلى قريب مما ذكره في أنه لا بد في العرض من أن يحل ، [وإيجابه] (٢) للأدلة إلى الباري مريدا بإرادة محدثة يستحيل حلولها ، فسمّى إرادة الباري معنى ، وقال : يجوز وجود المعنى لا في محل ، ونحن سمينا الإرادة عرضا ؛ لأن حقيقة العرض ثابت فيها ، ولم يمنع مانع من ذلك ، وقلنا : بأنها لا في محل ؛ لأن الأدلة ساقت إلى ذلك.
المسألة الثامنة والعشرون [هل أحدث الله إرادته وهل يوصف الشيء بما لم يحدثه؟]
قال تولى الله هدايته : وهل هي إن ادّعى حدثها يكون محدثها الله تبارك وتعالى أو سواه ، فإن يكون سواه أحدثها ، فكيف يصح أن يوصف بما أحدثه سواه حتى يكون مريدا ، وإن يكن هو محدثها فكيف يصح أن توصف ذاته بأعيان محدثاته ، وإنما يوصف بالإيجاد دون الأعيان؟
الجواب عندنا : إنه لا يجوز أن يكون محدثها سواه تعالى ، وأنه لا بد من أن
__________________
(١) زيادة في (أ).
(٢) في (أ) : والحا به ، وفي (ب) : والحابه. ويمكن أن تكون : وإلجائه. أو وإيحائه.