يتميز بالتخصيص لإيقاع التخصيصات يتعلق قصدها بإيجاد الضدين معا في حيّز واحد من الجسم ، فكيف يصح ذلك مع تابعهما ولم يتخصص بوجه الإرادة إلى إيجاد أحدهما مميزا بعينه دون الآخر؟
الجواب : جميع ما ذكر من توابع القدم في هذه المسألة وفي ما قبلها وبعدها يترتب على كون الإرادة قديمة ، وقد قدّمنا بطلان كونها قديمة ، وبيّنا حدثها وكيفية حدثها فيما تقدم بيانا شافيا ، فإذا بطل قدمها بطل ما فرعه عليه تبعا له ، لكون ذلك أصلا في ثبوته ، فإذا تكلمنا في شيء من ذلك فعلى جهة الإيضاح والكشف ، فلمن ذهب إلى قدمها أن يقول : إن العموم لا يلزم في الإرادة ؛ لأنها لا تعلق (١) إلا بما يعلم المريد أو يعتقد أو يظن صحة حدوثه دون ما يعلم استحالة حدوثه ، والقديم سبحانه عالم بأن وجود الضدين معا في حيز واحد مستحيل ، فكيف يلزم ما ذكره من إرادته أو وجود الضدين (٢) كالبياض والسواد مثلا في محل واحد ، مع أن علمه باستحالة ذلك يمنع من صحة كونه مريدا له ، وهذا وإن كنا لا نرتضيه ، إلا أنا أوردناه في معرض الامتحان.
المسألة الثانية والثلاثون [في قدم الإرادة وانتقال مقاصدها]
قال تولى الله هدايته : وهل إذا توجهت الإرادة مع صفة قدمها إلى إيقاع مراد وحصل وجوده تمسك عند إكماله على حسب ما أراده الإله تعالى ، ويتوجه إلى سواه ، فيحصل انتقال المقصودات ، وكيف يصح القصد بالمدد ثم التنقل أو الإمساك والانتقال مع كونها موصوفة حقيقة القديم (٣) وكلها تجدد حالات؟
__________________
(١) في (ب) : تتعلق.
(٢) في (ب) : لوجود الضدين.
(٣) في (ب) : القدم.