فصل
اعلم أن أكثر هذا الكلام مسترسل في مأزق تدحض فيه الأقدام ، وتختلس الأرواح ، وتهتصر الأجسام ، وذلك غير جيد سيما لمن نصب نفسه للاعتراض ، ومراشقة الأعراض ، انظر إلى ذكر التوجه والإمساك ، والإيقاع ، وإضافة ذلك كله إلى الإرادة ، أثبت ذلك أم لا؟ وله أخوات هذه [الكلمات من] (١) المسألة وغيرها ، سلك فيها مسلك التجوّز في موضع يحتاج فيه إلى تحقيق الحقائق ، وتدقيق الدقائق ، لو ولي جوابه من هو أقل احتمالا منّا من فرسان الكلام لشدد عليه مجارح الإلزام ، لكنّا قد ألزمنا نفوسنا تخريج كلامه ، ووعدنا وعدا لا بد من تمامه.
الجواب : قد بينا حقيقة ما نذهب إليه من الإرادة ، وما ذكره غير لازم لنا ، على ما نذهب إليه ، وما ذكر إن لزم فإنما يلزم المجبرة والقائلين بعدم الإرادة ، ويمنعنا من الإجابة عنهم وإيراد تشككاتهم (٢) ، وما يمكن أن يتعلقوا به قول الله تعالى : (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) [النساء : ١٠٥].
المسألة الثالثة والثلاثون [في القصد والإرادة]
قال تولى الله هدايته : هل إن وجب تخصيصها بالامتياز لتميز القصد من سواه عند إيجاد المرادات المتنافية والمتفاضل (٣) ، في آن واحد يكون إرادات كل مراد بتخصيص إيجاد إرادة قاصده لإيجاده دون ضده ، والمنافي له في الذات ، والحكم على حقيقته ما يتخصص به من الأحكام والتفاصيل الحادثة الاقتران بالإرادة ، أو تكون
__________________
(١) سقط من (أ).
(٢) في (ب) : تشكيكاتهم.
(٣) كذا في (أ) ، وفي (ب) : والتفاصيل.