ما أمرنا الله به من التوفيق ، وهدانا إليه من التحقيق ، من الارتباك في حبائل الإلحاد والملحدين ، وصيرنا في صف الموحدين ، فله الحمد على ذلك كثيرا.
فهذه فتواك عما سألت أرشدك الله تعالى.
المسألة الثامنة والثلاثون [هل كلام الله صفة ذات]
قال تولى الله هدايته : وجوب هذه الصفات الأربعة تثبت أن الموصوف بها موجود ومع وجوده فإنه متكلم بالإجماع من أهل القبلة ومن وافقهم على ذلك من أهل الكتب المنزّلة ، وكونه متكلما صفة النفس ؛ وكل متكلم فلا بد له من كلام يصح عليه ، سيما إجماع أهل القبلة على أن القرآن كلام الله تعالى ، فهل المعنى فقط كلامه بمجرده فيكون قائما بذاته فيما لم يزل إذ المعنى يقوم بنفسه فكل معنى قائم بذات فله بها اختصاص ، والاختصاص يمنع من قيامه لعينه سواها ؛ إذ لو قام بذاتين لوقع الاشتراك ، والاشتراك يبطل حكم التخصيص ، وإذا كان هكذا فكيف يصح أن كلامه الذي هو ذلك المعنى لعينه هو قائم بقلوبنا وله اختصاص قيامه بذاته ، ولو وجب الاشتراك لكان كلامه وكلام من هو قائم بقلبه لعينه ، فلا بد أن يكون كلام الله لعينه مخصصا؟
الجواب عن ذلك ، بالأدلة الحاسمة المانعة يرحمك الله : قد بينا كيفية استحقاقه سبحانه بما قدّمنا من الصفات الثابتة له على الوجوه التي تثبت له ، وعندنا أنه تعالى متكلم وليست صفة نفس كما ذكر أرشده الله تعالى ؛ لأن معنى المتكلم هو الفاعل بعلمه من الأصوات المقطعة والحروف المنظومة المرتبة ، والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه أنّا متى علمناه فاعلا لما ذكرنا علمناه متكلما وإن جهلنا ما