نطقت به الشريعة من الكتاب والسنة ؛ فالواجب أن ينتقل معه الكلام إلى إثبات الصانع وصفاته وما يجوز عليه وما لا يجوز ، ونضرب عن هذه المسألة رأسا (١) حتى ننتهي إليها ، وقد تقررت قواعدها ، وقامت شواهدها.
وأما قوله : هل هما متماثلان إلى آخر كلامه ، فمن قال : إنهما جسمان فرقتان :
فرقة تقول بتماثل الأجسام ، وفرقة تأبى ذلك ، ونحن نقول بتماثلهما ، ومعنى ذلك أن كل واحد منهما سد مسد الآخر فيما يرجع إلى صفة الذاتية فعلى هذا [هما] (٢) متماثلان.
وأما قوله : أو متماثلان من وجه ومختلفان من وجه ، فهذا سؤال لا وجه له على التحقيق ونحن في ميدانه ؛ لأنهما إذا تماثلا امتنع اختلافهما ، وإذا اختلفا امتنع تماثلهما ، وإن أراد الاختلاف والمماثلة اللغويين فذلك شائع ، وهما مختلفان في التركيب والتقدير ، والترتيب والتصوير ؛ لأن أحدهما فوق الآخر وأعظم من الآخر ، وتأليفه غير تأليف الآخر ، وهذا عند أهل اللغة اختلاف ، وإن كانت الذوات متماثلة ، فهذا ما احتمله هذا الموضع من الكلام في هذه المسألة.
المسألة الرابعة والأربعون [هل للعرش والكرسي حقيقة في الوجود؟]
قال تولى الله هدايته : أو هل [ذلك] (٣) في القول ولا حقيقة عين في الوجود كالاسم الفارغ وهو الذي [لا] (٤) تعلق له بوجود ، وهذا غير جائز على الله تعالى
__________________
(١) في (ب) : رأينا.
(٢) سقط من (أ).
(٣) سقط من (أ).
(٤) سقط من (أ).