والسنة بذكرهما جميعا ، ومقاديرهما ما ذكره النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما قدمنا ذكره من الخبر.
فأما ذكر في لونهما وهيئتهما فلم يرد السمع بشيء من ذلك ، وليس وجود الجوهر والأجسام مضمنا بوجود الألوان كما هو مضمن بوجود الأكوان ، حتى يلزم إذا لم يكن لهما لون خروجهما عن الجسمية ، وقد ذهب بعض أهل العلم أن الماء لا لون له ؛ ووجه ما ذكره عندنا قوي وشاهده المشاهدة من حيث أن اختلاف لونه مانع لاختلاف ألوان الأواني ، فلو كان له في نفسه لون وجب ثبوته ، ولم يلزم باختلاف ألوان الآنية اختلافه كما في سائر المائعات ، وبعد فإنه لا دليل يتوهم على أنه لا يجوز وجود الجسم إلا ملونا إلا مجرد الواجدان (١) ، وأهل التحصيل يأبونه ، وكفى بالمذهب فسادا لئلا يقوم عليه دليل ، وهما أعني العرش والكرسي مثلما نشاهده من الأجسام على المماثلة الحقيقة التي قدمنا ، وإن كان يجوز اختلاف الألوان والهيئات والتركيبات ولا يحيط بمعرفة ذلك على التفصيل إلا الله سبحانه ، فما أخبرنا به ورسوله فنحن به مؤمنون.
المسألة السادسة والأربعون [هل للعرش والكرسي جسم جماد أم حي؟]
قال تولى الله هدايته : إن كان المدلول بهذين الاسمين واحدا أو اثنين ، فهل أحدهما أو كلاهما جسم جمادي إن وجب كونهما أجساما ، أو جسم حيواني بهيمي ، أو حي ناطق عاقل دراك يعقل أن له خالقا أوجده.
الجواب : قد بينا أن الطريق إلى ثبوتهما السمع عند من قال : إنهما
__________________
(١) كذا في النسختين.