جسمان ، ولا دلالة في السمع تدل على كونهما [حيين] (١) بهيميين ، أو ناطقين عاقلين دراكين ، وما كان طريقه السمع لم يجز إثباته إلا على الوجه الذي ورد به ، ولم يرد السمع بشيء من ذلك ، أعني الحياة وما يتبعها من نطق وغيره فيجب الاقتصار على ما ورد به.
وأما من يتأول الشريعة على غير دين الإسلام فأولى أن يقبل معه الكلام كما قدمنا ، فهذا هو الكلام في هذه المسألة ومن الله نستمد التوفيق والهداية.
المسألة السابعة والأربعون [معنى قوله تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ)]
قال تولى الله هدايته : قوله تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [البقرة : ٢٥٥] ما معنى ذلك؟ وهل قوله وسع لفظة مقصود بها إحاطة الأجسام بعضها ببعض فيكون كرسيه تعالى مكانا للسماوات والأرض ، أو مقصود بها إحاطة علم فيكون حيا عاقلا عالما إذا كان جسما حيوانيا ، فهل يلزمه ما يلزم الأجسام الحيوانية الدنياوية من تغذية وغيرها كالإنسان والطير وما سوى ذلك ، أو كالحيوان الدنياوي فيكون كالملائكة على رأي من يرى أن الملائكة أجسام ، فيكون ملكا مقربا ، أو جسما لا كالحيوان المتغذي كالشمس والقمر وما جانسهما.
الجواب : قد بينا اختلاف العلماء في العرش والكرسي على قولين ، ونحن نبين معنى قوله تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [البقرة : ٢٥٥] على كل واحد منهما على وجه الاختصار.
اعلم أن من يذهب إلى أن معنى الكرسي العلم يحمل قوله تعالى : (وَسِعَ
__________________
(١) في (أ) ، (ب) : حبر.