[معنى وصف الله بالعالم]
سألت أيدك الله تعالى عن معنى وصفنا الله تعالى بأنه عالم واختلاف الناس في ذلك.
اعلم أن من الناس من قال : إنه تعالى عالم بعلم ، ومنهم من نفى ذلك عن الله تعالى وقال : بل هو العالم لذاته ، ومن قال : إنه عالم بعلم اختلفوا.
فمنهم من قال : علمه ذاته ، ومنهم من قال : هو عالم بعلم قديم كما يقوله الصفاتية من الكلابية (١) والأشعرية (٢) ، ومنهم من قال : إنه عالم بعلم محدث كما تقوله الكرامية (٣) ، ولا بد من إبطال ما ذهب إليه المخالفون ثم ينتهي الدليل
__________________
(١) الكلابية : قال في (موسوعة الفرق الإسلامية) : أصحاب أبي عبد الله بن كلاب الذي كان يقول : لله كلام غير مسموع ولم يسمع جبريل من الله شيئا وإنما بلغه الأنبياء لم يسمعه من الله ، بل كان قد ألهم ، وأوصل ذلك إلى الأنبياء بدون كلام سمعه. وعند ما قال الله للملائكة : (اسْجُدُوا لِآدَمَ) ، فهو لم يتكلم بل ألهمهم ، على غرار إلهام النحل ، كما ورد في قوله تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) النحل : ٧٠. وقال الكلابية : كلام الله ـ تعالى ـ هو معنى أزلي قائم بذاته تعالى ، مع أنّه شيء واحد : توراة ، إنجيل ، زبور ، وفرقان ، وأنّ هذا الذي نسمعه ونتلوه حكاية كلام الله تعالى ، وفرقوا بين الشاهد والغائب.
ملاحظة : إن ابن كلّاب هذا كان أحد المتكلمين في عصر المأمون. وذكر ابن النديم في (الفهرست) أن له مناظرات مع عبّاد بن سليمان. وقيل : سمّي ابن كلّاب لأنه كان يخطف الذي يناظره ، ونقل أنّ اسمه : عبد الله ، في حين ذكره صاحب هذه الموسوعة : (أبو عبد الله المقرب). عن (مقالات الإسلاميين ١ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦) ، (مذاهب الإسلاميين ١ / ١٦٥ ـ ٤٧٣) ، (الفرق والتواريخ) ، نسخة مخطوطة.
(٢) الأشعرية : أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري ، المولود في البصرة سنة ٢٦٠ ه ، والمتوفى في بغداد سنة ٣٢٤ ه ، وهو من أحفاد أبي موسى الأشعري ، كان تلميذ أبي علي الجبائي حتى الأربعين من عمره ودرس عليه أصول المعتزلة وطرق استدلالها ، بعد ذلك اعترض على أستاذه واختلف معه وفارقه مع أنه كان زوج أمه وأعلن تخليه عن الاعتزال في مسجد البصرة سنة ٣٠٠ ه كما قيل ، وأبو الحسن الأشعري كان على مذهب الشافعي في فروع الفقه وكان يوفق بين مبادئ الأدلة الكلامية وعقائد من يسمون أهل السنة ، فأسس بذلك المذهب الأشعري لهؤلاء في مقابل مذهب الاعتزال ، ونسب إلى مذهبه بعد ذلك الباقلاني ، وابن فورك ، والغزالي ، والرازي ، والإيجي ، والتفتازاني. وللمزيد حول آراء الأشعرية.
انظر (موسوعة الفرق الإسلامية) ص ١٠٩ ـ ١١٣.
(٣) الكرامية : فرقة ممن تسموا بأهل السنة ، أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام بن عرّاف بن خزامة بن براء المتوفّى سنة ٢٥٥ ه. كان من أهل سجستان وأبوه كان حارسا لأشجار الكروم ـ