[الرد على من يقول بأن النبوة والإمامة جزاء على الأعمال]
مسألة
في قول من يقول : إن النبوة والإمامة جزاء على الأعمال ، ويحتج بقوله تعالى : (فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ) [آل عمران : ١٤٨] ، وبقوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [الزمر : ٦٥] ، وزعم المخالف أن هذه الآية تدل على أن النبوة فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأنها لو كانت فعل الله لما حسن خطابه لنبيه بذلك [وذلك] (١) أيضا سائغ في اللغة في قولهم : نبا ينبو ، فهو ناب.
الكلام في ذلك : إن النبوة لو كانت فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لكانت إنباء لإبانة فعل من أفعاله ، وإلا فالمسلمون يفعلون مثله من صوم وصلاة ، وحج وجهاد ، وغير ذلك من فعل الجوارح ، وعدل وتوحيد ، وتصديق ، ووعد ووعيد ، وغير ذلك من سائر الاعتقادات ، وكان لا بدّ أن يكون الكل نبيا أو بعض نبي ، أو إماما أو بعض إمام ، وهذا لم يقل به أحد من العقلاء مؤمنهم ولا كافرهم.
وأما الحجة بقوله تعالى : (فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ) [آل عمران : ١٤٨] ، فما في هذا الظاهر من دلالة على أن النبوة ثواب ، ولو كانت جزاء على الأعمال ، فالجزاء فعل المجازي لكانت فعل الله تعالى على هذا التأويل ، كما أن الثواب فعل المثيب لا فعل المثاب ، وكذلك الآيات التي فيها ذكر المحسنين ، كقوله تعالى : (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [يوسف : ٢٢ ، الأنعام : ٨٤] ، وما شابهه لا ظاهر في ذلك يدل على ما ذهب إليه المخالفون في الدين ، فإن قالوا إلا
__________________
(١) سقط من (أ).