لا نحكم على من أخطأ بالتقصير في الأدلة التي هذه حالها بكفر ولا فسق ؛ لأن الكفر والفسق لا يثبتان إلا بدلالة قاطعة من عقل أو نقل ، وذلك مفقود هاهنا ؛ إذ المرجع بحكم الكافر والفاسق إلى أن عقاب معصيتهما أحبط ثواب ما فعلاه من الطاعات ، وذلك مما لا نعلم إلا توقيفا ، ولو علمنا ذلك بكتاب أو سنة لكنّا أول من يجري عليهم ما يستحقونه من الأحكام ، فعلي عليهالسلام والدنا ، والحق حقنا لكنا عملنا بمقتضى الأدلة ، ووقفنا حيث أوقفنا الدليل فلا مغمز علينا في ذلك ، وقد بطل الطرفان وهما : القول بتكفير من أنكر إمامتهعليهالسلام بالنص ، والقول بإصابة من تولى الأمر عليه واستأثر بما كان أولى به منه لنص الكتاب الكريم والسنة الشريفة ، ولزمنا ما يقتضيه الدين القويم ، فكلا طرفي الأمور ذميم.
وقد أثبتنا بجمل متى تدبرها من له بصيرة وإنصاف ، بلغته إلى اعتقاد الحق وهجر الخلاف ، وكان ذلك مع ما يعرض من الأشغال ، ومن الله نستمد التوفيق في كافة الأحوال، والسلام عليكم وكافة الإخوان بواحتكم.
مسألة [قول الإمام حجة]
قول الإمام حجة على جميع المسلمين أم قولهم وإجماعهم حجة عليه؟
الجواب في ذلك اتباع الإمام واجب على جميع الخلق ، وقوله لا يخلو إما أن يكون في أصول الدين أو فروعه ؛ فإن كان في أصول الدين فالحجة الدليل دون القول ، وإن كان في فروعه فكل مجتهد من أهل العلم فيها مصيب (١) وميدانها رحيب ، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يخالفون الإمام في مسائل الفقه فلا ينكر عليهم ذلك ، وذلك معلوم لأهل العلم ، فإن حكم الإمام بحكم في مسألة فقهية
__________________
(١) في (ب) : فكل مجتهد فيها من أهل العلم مصيب.