[تحقيق النبوة ومسائل أخرى]
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين ، سأل الإخوان كثّر الله تعالى عددهم ، وواتر مددهم ، وحصر عدوهم ، وقوى رشدهم ، وبعّد لددهم ، وكفاهم شر من عاندهم وحسدهم ، عن أفضل ما سأل عنه السائلون ، وأولى ما عني في بيانه العالمون.
[المسألة الأولى في معنى النبوة]
اعلموا أيدكم الله بتوفيقه أن النبوة في الأنبياء عليهمالسلام لفظة شرعية ، فلها السلطان على ما قبلها من الألفاظ اللغوية ، وما انبنى عليها من التعرفة ، وهي تفيد عند إطلاقها إرسال الشخص إلى البشر بغير واسطة بشر ، أو إرسال الباري سبحانه إلى الشخص بغير واسطة بشر ، فيكون بهذه الحال منبئا من قبل الله سبحانه وينبئ عن الله سبحانه ، فيكون بذلك نبيا شرعا.
فأما ما ذكره المخالف خذله الله من أنه بإنبائه الأمة يكون نبيا ، فذلك جهل ظاهر ؛ لأن مسيلمة وأمثاله من الكذابين قد أنبئوا الأمة ولم يكونوا بذلك أنبياء ، والحقائق تطرد ولا تختلف ، وكذلك نحن ننبي بالأحكام والشرائع ولسنا أنبياء.
وأما قوله عليهالسلام : التؤدة ، والاقتصار ، والصمت ، والتثبت جزء من ستة وعشرين جزءا من النبوة ، فقد تقدم الكلام في معنى النبوة ، ولا يصح تجزئته ، ولو كان ذلك كذلك لكان من فعل شيئا من ذلك أطلقت عليه التجزئة بأنه نصف شيء أو ثلث أو ربع ؛ لأنه قد يكون ثلث النبوة ونصفها أو ربعها ، فلا يكون ذلك