وأما أجر الدنيا فهو كثير في القرآن الكريم ، و [كذلك] (١) قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [يوسف : ٢٢ ، الأنعام : ٨٤] إلى نظائره ، فإن المراد بذلك ما جعل الله لأنبيائه من الذكر الجميل والثناء العظيم.
وأما ما ذكروا أيدهم الله تعالى من التعظيم من الله تعالى لنبيه ابتداء فلا شك أنه تفضل.
وأما قولهم : إنه لا يستحق به التعظيم ، فهذا أمر لا يثبت ؛ لأن خلق آدم عليهالسلام تفضلا ، وخلقه سلام الله عليه بيديه ، وألقى نعمته تكريما وتشريفا ، فجعل ذلك حجة على الملائكة في لزوم فرض السجود إليه ، فلا بد أن يكون تعظيما ، والتعظيم يستحق بفعل العبد وبفعل العظيم له ويعلم ذلك بالعقل ، كما أن الملك إذا رفع رجلا وعظمه واختصه وكرمه لزم الرعية في حكم السياسة أن يجعلوا له مزية ، وأن لا يساووا بينه وبين سواه ، فكيف إذا كان المعظم له علام الغيوب سبحانه وتعالى ، وسواء كرمه ورفعه ابتداء أم لاستحقاقه ذلك.
وكما أن الكعبة حرسها الله تعالى والمشاعر والركن لها مزية شرعية ، وجلالة ظاهرة معلومة وبيّنة بما فعله الله تعالى من تكريمه لها ، وتعظيمه لأمرها ، على لسان أنبيائه ، وجعلها قبلة عباده ، ومسجد أنبيائه ، فكان لها بذلك مزية ظاهرة لا ينكرها من يعرف حرمة الدين ، فالتشريفات والتعظيمات من الله تعالى ابتداء تفضل ، والبعثة هي غير هذا الأمر وهي لطف للمبعوث والمبعوث إليه فاعلم ذلك.
المسألة الثانية [في أن وجوب النظر فرع عن وجوب المعرفة]
قالوا أيدهم الله تعالى في كلام حي القاضي شمس الدين رضي الله عنه وأرضاه :
__________________
(١) سقط من (أ).