العالم يقوم مقامه في الدلالة ، كما لو أحدث تعالى جسما أو عرضا في جسم غير هذا العالم كان كافيا في الدلالة.
المسألة الثالثة [الإحالة والتوليد]
قالوا أيدهم الله تعالى : إذا قال بعض أهل الإحالة : إنها عنده بمعنى التوليد عند القائل به ، فمعنى إحالة الجسم عنده جسم آخر ، هو إيجابه لغرض من الأغراض في ذلك الجسم المستحيل ، كالنار تحرق الخشب إلى آخر ما مثل به.
الجواب عن ذلك : إن التوليد جنس قائم بنفسه دل عليه الدليل ، وما ذهب صاحب الإحالة لم يدل عليه دليل ، فإن طولب بذلك لم يجد إليه سبيلا ، وتمثيله فرع على صحة المثل فيه وهو لا يصح إلا بتأويل ، فإن قال : ما دليلكم على بطلان توليد الأجسام للأعراض؟
قلنا : لا يلزمنا لأنك تروم إثبات مذهب فدل على صحته.
فإن قالوا : أثبتوا آمادا للظلال؟
قلنا : لو أن الجسم ولد العرض ، فلا يخلو إما أن يولد الكل أو البعض ، باطل أن يولد البعض ، لفقد الاختصاص ، وهو يحمل ومعها على سواء ولا يستحيل حلولها فيه وقيامها به ، فإما يوجب الكل وهو مستحيل ، وإما لا يوجب وهو مستحيل أيضا على أصل قوله ، وإما يوجب البعض فلا تخصص في الموجبات خاصة ، ولأنه لا يكون جسما إلا بالأعراض فكيف يكون علة فيها فيؤدي إلى التوقف والدور ، ولأن في نفوسها قائمة في الدلالة على الباري سبحانه قيام الجسم لحصولها مع جواز ألّا يحصل خلاف الموجب ويحصل ضدها بدلا عنها باختيار