الملائكة والجن ، من شاهد ذلك ، ومن علم بأنه يفعل ما يشاء أن هذه النومة خارجة عن العبادة فلها حقها من الوعظ والعلم بعظم الجلال الذي لا يمتنع عليه شيء.
وقد ثبت أن النائم إذا قلب استيقظ في مجرى العادة ، فجرى التقليب على كل جنب ولا نقصه ليقع الاعتبار ، أو لمصلحة تعلقت في تكليف من يؤمر به ، ولأن الكلب لم يقلب في الظاهر ولم يعتبر ؛ لأن الكل لم يفصل بين نومهم ونومه ، وبعثهم وبعثه.
وأما قول بعض الأئمة في ذلك وبعض علماء الأمة فالواجب الرجوع إلى الأدلة والحقائق ، وما تقوله الأئمة عليهمالسلام والعلماء يتأول على ما يصح ؛ إذ أمورهم تحمل على الصحة.
المسألة الرابعة [في الإحداث والخلق]
إن قال قائل : الحيوان والنبات كله أجزاء ، وكلها قد كانت محدثة ، ثم ألفها تعالى وصورها ، قال : لأنه لو كان محدث أجزائها حالة مشاهدتها متصورة لساوت السهول الجبال أو قاربتها.
وقوله تعالى : (مِنْها خَلَقْناكُمْ) [طه : ٥٥] ، (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ) [الصافات : ١١] و (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) ، و (أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ).
وقال قائل آخر نقيض هذا : وهو أن كله أحدثه الله تعالى من العدم إلى الوجود حال مشاهدته ، واحتج بظواهر الآيات لأنه تعالى أضاف خلقها [مع الله] ، نحو قوله تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما) [الفرقان : ٥٩] وحمل الخلق في ذلك على الإحداث في الحال.