فلو اعتمدوا ما ذهبت إليه الفرقة الملعونة لم يفتقروا إلى هذا التطويل. والرواية عن جعفر بن محمد عليهماالسلام : أن رجلا طلبه في داره وكان عليهالسلام يكره لقاءه فقال لجاريته : انزلي حتى تقفي إزاء الباب ، ثم خطي خطا مستديرا ثم ضعي إصبعك فيه ثم قولي : ليس سيدي هاهنا.
[الإقرار بالسبي ونفي بعض الأكاذيب]
فأما حكاياتهم للسبي فقد صدقوا في ذلك وحده ، ولم نفعله ونأمر به ونحن نريد كتمانه ، وكيف نكتم ذلك والله عز من قائل يقول : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) [آل عمران : ١٨٧] ويقول سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ، إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا) [البقرة : ١٥٩ ، ١٦٠].
فأما حكايتهم أنه وقع الوطء قبل الاستبراء ، وأن المرأة الواحدة اتفق على وطئها جماعة ، فذلك من كذبهم الذي قدمنا ذكره ، وكيف صح لهم العلم بذلك ولم يشاهدوا لخوفهم منا وبعدهم عنا؟
أتيت كلبا خاف رميي له |
|
ينبحني من موضع نائي |
أو روى ذلك لهم عسكرنا؟ فعندهم أنهم ليسوا بثقات في الرواية ، فما مثالهم فيما ارتكبوه من هذه الشناعة إلا مثل الثعالب والظربان (١) إذا لحقتها الجوارح والسباع رامت طردها بالرائحة الخبيثة وقلما يغني ذلك عنها.
__________________
(١) الظربان ، قال في (لسان العرب) : دويبة شبه الكلب أصمّ الأذنين ، صماخاه يهويان ، طويل الخرطوم ، أسود السراة ، أبيض البطن ، كثير الفسو ، منتن الرائحة ، يفسو في جحر الضب فيسدر من خبث رائحته فيأكله ، وقيل : الظربى الواحد وجمعه ظربان : دابة شبه القرد ، وقيل : هي على قدر الهر (لسان العرب) ٢ / ٦٤٢ ، ترتيب يوسف خياط.