أخبرونا من الذي رحض الأرض من أدرانها ، وفقأ عين شيطانها ، وأذهب الفواسد من هجرة يحيى بن الحسين الهادي إلى الحق عليهالسلام وقد جسّ خلالها (١) ، وفتن رجالها ، وكذلك من شظب (٢) وغيره من المغارب والمشارق ، بعد توالي الأعصار ، ومرور الدهور. فهل من ركب الأخطار ، في نفي هذه الأوزار ، يرضى بارتكاب ما حكوه من المنكر ، من وطء الجماعة أو الاثنين لامرأة واحدة؟ يأبى الله ذلك ، وحواجز الإسلام وموانع [حدود] (٣) الإيمان. وموالد طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حمية ، ونفوس أبية ؛ فأما السبي فقد حمدنا الله تعالى عليه حيث تجددت الأحكام النبوية ، والأدلة الظاهرة الجلية ، الإمامية العلوية ، فلا جواب في كذبهم إلا علم الصالحين باستحالة قولهم ؛ لأن الأمر في ذلك كما قال الشاعر :
لي حيلة فيمن ينمّ |
|
وليس في الكذاب حيله |
من كان يخلق ما يشاء |
|
فحيلتي فيه قليله (٤) |
[بيان أسباب السبي]
وأما أمر الكلام في باب السبي فقد عوّل علينا جماعة من الإخوان المتقدم
__________________
(١) هكذا في (أ) بدون نقاط ، وفي (ب) : حسن حلالها ، ولعل الصحيح ما أثبتناه والله أعلم.
(٢) شظب : بلد قرب السودة ، إليه تنسب سودة شظب ، وقد كانت هجرة شظب من مدارس العلم في اليمن ، وفيه قبور طائفة من العلماء. انظر (مجموع بلدان اليمن وقبائلها) ٢ / ٤٥٢.
(٣) زيادة في (ب).
(٤) البيتان في (تأريخ بغداد) ٢ / ٣١٩ قال : حدثني محمد بن أبي الحسن ، قال : أنشدني أبو العباس أحمد بن علي النحوي الكسائي بمكة ، قال : سمعت ابن قريعة ينشد الأبيات. وفي (سير أعلام النبلاء) للذهبي ١٤ / ٢٣٨ ، نسبها إلى العلامة أبي الحسن التميمي الشافعي الضرير الشاعر ، المتوفى سنة ٣٠٦ ه ، قال : قال ابن خلكان : له مصنفات في المذهب وشعر سائر ، وهذا له :
لي حيلة فيمن ينم |
|
وليس في الكذاب حيلة |
من كان يخلق ما يشاء |
|
فحيلتي فيه طويلة |