سبقهم ، الواجب حقهم ، أن نشرح في ذلك شرحا كافيا ، ونبين بيانا شافيا ، ليكون مدحرة لشيطان المتمردين ، وبرهانا لرغبة المسترشدين ، وبالله نستعين ، وعليه نتوكل. فأجبناهم إلى ما سألوا تعرضا لأجر الهداية ، وقياما بفرض الرعاية (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) [يونس : ٣٥].
[الردة]
اعلم أيدك الله وهداك وحاطك وتولاك : أن الردة لا تكون إلا بعد الإسلام ؛ لأن الكافر الأصلي لا يكون مرتدا ، فإذا قد تقرر هذا الأصل فاعلم أن أول ردة كانت في الإسلام ردة مسيلمة بن حبيب بن قيس بن حبيب (١) ، وردة ذي الخمار المكنى عبهلة ، والملقب الأسود ، والمسمى كعب العنسي (٢) الخارج من حرف
__________________
(١) في (الأعلام) ٧ / ٢٢٦ : مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي ، أبو ثمامة ، المتوفى سنة ١٢ ه ، ولد ونشأ باليمامة المسماة بالجبيلة بقرب العيينة بوادي حنيفة في نجد ، وتلقب في الجاهلية بالرحمن وعرف برحمان اليمامة ، تنبأ في أواخر سنة ١٠ ه كما في سيرة ابن هشام ، وتوفي النبي قبل القضاء عليه ، فأنفذ له أبو بكر خالد بن الوليد على رأس جيش قوي هاجم ديار بني حنيفة واستشهد من المسلمين ١٢٠٠ رجلا منهم ٤٥٠ صحابيا كما في (الشذرات) ، وانتهت المعركة بظفر خالد ومقتل مسيلمة سنة ١٢ ه ، وانظر (الكامل) لابن الأثير ٢ / ٢٤٣ ـ ٢٤٨. وانظر الطبري الذي استند في رواياته عن أخبار مسيلمة إلى سيف بن عمر التميمي ، انظر (تأريخ الطبري) طبعة القاهرة سنة ١٣٨٢ ه ، ج ٣ / ص ١٤٧ ، ١٨٤ ، ١٨٧ ، ٢٤٢ ، ٢٤٩ ، ٢٧١ ، ٢٨١ ، ٢٨٢ إلى ٣١٤.
(٢) في (الأعلام) ٥ / ١١١ : عبهلة بن كعب بن عوف العنسي ، المذحجي ، ذو الخمار ، المتوفى سنة ١١ ه ، متنبئ مشعوذ من أهل اليمن كان بطاشا جبارا ، أسلم لما أسلمت اليمن ، وارتد أيام النبي ، فكان أول مرتد في الإسلام ، وادعى النبوة ، وأرى قومه أعاجيب استهواهم بها ، فاتبعته مذحج وتغلب على نجران ، وصنعاء وما بين مفازة حضر موت إلى الطائف إلى البحرين والإحساء إلى عدن ، وجاءت كتب رسول الله إلى من بقي على الإسلام باليمن بالتحريض على قتله فاغتاله أحدهم في خبر طويل ، أورده ابن الأثير في حوادث سنة ١١ ه ، انظر ابن الأثير ٢ / ٢٢٨. وانظر الطبري الذي هو مرجع ابن الأثير تجد روايات الأسود العنسي عن سيف بن عمر ج ٣ / ما بين صفحة ١٤٧ ـ ٣٣١.