[أحكام أهل الردة]
فهذا كما ترى الحكم في أهل الردة بإجماع من صحابة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما أنكره منكر ، ولا غيره مغير ، ولو جرى في ذلك نزاع لنقل كما نقل غيره من الأحداث ، والحديث والإجماع أكد الدلالة ، ولم يقع خلاف [كما] (١) كان في الصدر الأول وما يليه من صدور الإسلام ولا إلى يومنا هذا في كفر الثلاث الطرق التي قدمنا ذكرها في أهل الردة ، ولا وقع خلاف أن المرتدين كانوا يرتدون بأحد الثلاثة الأحوال ، ولا خلاف أن المرتد متى كانت له شوكة كان حكمه حكم الكافر الأصلي ، وأن دارهم تكون دار حرب ، فما كانت أحكام دار الحرب كانت أحكامها (٢) وكذلك لا خلاف أن خولة بنت يزيد بن جعفر بن قيس بن مسيلمة بن
__________________
(١) زيادة في (أ).
(٢) لعل من المناسب هنا أن نسوق آراء المذاهب الإسلامية في تحديد ما يصبح به المسلم محكوما بالارتداد ، وقد أوجز هذه الآراء الشيخ محمد حسن آل ياسين في كتابه (نصوص الردة في تأريخ الطبري) ص ٦١ إلى ص ٦٥ معتمدا في ذلك على موسوعة الفقه الإسلامي (الموسوعة الناصرية) وهذه هي المذاهب وآراؤها :
أ ـ الحنفية قالوا : تتحقق الردة بإجراء كلمة الكفر على اللسان بعد وجود الإسلام ، كما تتحقق بإنكار ما علم من الدين بالضرورة ، كإنكار فرضية الصلاة أو الصيام أو الزكاة. ولا يفتى بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن أو كان في كفره خلاف ولو كان ذلك رواية حقيقة ، فإذا كان في المسألة وجوه توجب الكفر وواحد يمنعه فعلى المفتي الميل لما يمنعه.
ب ـ المالكية قالوا : تكون الردة بأحد ثلاثة أمور :
١ ـ إما بصريح القول ، كقوله : أشرك أو أكفر بالله.
٢ ـ أو بلفظ يقتضيه ، أو كجحده حكما معلوما من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة وحرمة الزنا ، أو قال بقدم العالم أو ببقائه ، أو شك في ذلك.
٣ ـ وإما بفعل يتضمن الارتداد أي : يقتضي الكفر ويستلزمه استلزاما كإلقاء مصحف بقذر.
ج ـ الشافعية ضربوا أمثلة لما يكون به المسلم مرتدا فقالوا : إن الارتداد قد يقع بالتلفظ بألفاظ الكفر ، وبجحود فرض ، واستباحة محرم. ـ