حكمهم بلا خلاف في ذلك ، وإن ردّتهم بوجوه كثيرة أقوال أهل الفرق الثلاث من أهل الردة داخلة في بعض أقوال هؤلاء ، ولا بدّ لنا من ذكر من سبي جملة ، وما كان قول تلك الفرقة المسبية ليعلم المستبصر أن القوم في عصرنا زادوا على أهل الردة أضعافا مضاعفة ، وبلغوا النهاية العظمى في الكفر ، فأي حرمة بقيت لهم ولا معول على صلاتهم ولا شهادتهم كما قدمنا ذكره من أن بعض أهل الردة بقي معتصما بالصلاة وهي فرع على الشهادة. والكفر أجناس ومقالات واعتقادات وأفعال إن حصل واحد منها كفى في كون مرتكبه كافرا ، وإن اجتمعت فأجدر أن يكون كافرا ، بل ذلك الكفر المضاعف ، ولسنا نتمكن من استقصاء ذكره ، وإنما نذكر ما تيسر من ذلك مما يكون دليلا على غيره.
[موجب تكفير المطرفية]
فمن الكفر : اعتقاد اليهودية ، والنصرانية ، والمجوسية والثنوية ، واعتقاد الوثنية في أن الأصنام تضر وتنفع من دون الله تعالى ، ولا خلاف بين المسلمين في كفر من ذكرنا.
وكذلك لا يتحقق الخلاف في كفر من طابقهم من هذه الأمة وصوّب أفعالهم ، وإن صاموا وصلوا وزعموا أنهم مسلمون ، بل قد وقع التكفير بدون ذلك وهو ما رواه الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان (١) بن الهادي إلى الحق سلام الله عليه
__________________
(١) الإمام أحمد بن سليمان : الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان بن محمد الحسني ، اليمني ، ينتهي نسبه إلى الإمام الهادي عليهالسلام [٥٠٠ ـ ٥٦٦ ه] أحد عظماء الإسلام ، والأئمة الزيدية الأعلام ، مجتهد ، مجاهد ، مجدد ، برز في شتى العلوم ، وقام داعيا إلى الله وإلى الجهاد في سبيل الله سنة ٥٣٢ ه ، في أيام حاتم بن عمران ، فبايعه خلق كثير ، وحكم صنعاء ، وزبيد ، وصعدة ، ونجران ، وخطب له بالحجاز ، وأقام عمود الدين ، وشريعة رب العالمين ، وأخباره ، ومناقبه ، وفضائله ، كثيرة لا تسعها مثل هذه العجالة ، توفي في حيدان من بلاد خولان بن عامر سنة ٥٦٦ ه وقبره بها مشهور ومزور ، ويعرف بالمشهد ، وله مؤلفات كثيرة منها : (أصول (الأحكام» و (الحكمة الدرية) و (حقائق المعرفة) وغيرها والكل لا زال مخطوطا.
انظر (أعلام المؤلفين الزيدية وفهرست مؤلفاتهم) ترجمة (٨٦) ومصادر ترجمته الكثيرة هناك.