الشيطان فقالوا : النفع من الباري تعالى] (١) وهو عندهم (يزدان) (٢) ، والضر من (أهرمن) ـ وهو عندهم الشيطان ـ وكذلك قالت المطرفية : إن الضرر والمرض من الشيطان ـ ويحتجون بقول أيوب (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) [ص : ٤١].
قلنا : إنما أصابه الشيطان بالوسوسة ؛ فأنكروا ذلك وزادوا على المجوس بأن نفوا المحبوب عن الله وقالوا : هو بإحالات الأجسام. والثنوية أضافوا النفع والضرر إلى النور والظلمة ، وهما مما ليس بحي ولا قادر ؛ فلا يصح أن يضاف إليهما الضر والنفع ، والمطرفية أضافت الضرر والنفع إلى جميع الجمادات كلها فزادت على المجوس أضعافا مضاعفة وعلى الثنوية.
وأما الوثنية : فاعتقدوا في الأصنام أنها تضر وتنفع من دون الله ، وكان في كل قبيلة صنم كما كان (يعوق) في همدان ، و (يغوث) في مذحج ، و (هبل) في قريش ، و (ذو الخلصة) في خثعم ، و (ذو الكفين) في دوس ، و (اللات والعزى) في ثقيف وهذيل ، إلى غير ذلك مما يطول.
[الجمادات تضر وتنفع من دون الله وتأثير الطبائع]
وهذه المطرفية تعتقد في الجمادات كلها وهي أعداد لا تنحصر أنها تضر وتنفع من دون الله فزادت على اعتقاد الوثنية أضعافا كثيرة لا تنحصر ، فهم أكفر الكفرة ، وأفجر الفجرة ، وشر أهل الفترة المرهقة القترة ، ولقد نفوا عن الله بشهادتنا عليهم وشهادة من تقدمنا من آبائنا الطاهرين ، جميع أفعاله من خلق ورزق ، وموت ، وحياة ، وزيادة ، ونقصان ، وأضافوا ذلك إلى إحالة الأجسام ، وتأثيرات الطبائع ،
__________________
(١) سقط من (أ).
(٢) في شرح سنن ابن ماجة للسيوطي قال : إن المجوس يثبتون إلهين : (يزدان) للخير و (أهرمن) للشر.