ونفوا ذلك عن الحكيم الصانع ، وقد ذكر جدنا القاسم بن إبراهيم عليهالسلام في كتاب (القتل والقتال وما يحل به سفك الدماء والمال) (١) وهو كثير ، وإنما نذكر منه نكتة. قال عليهالسلام بعد كلام طويل : (يحل القتل والسبي وأخذ المال بأن ينكر من حكم الله تعالى حكمة ، أو يضيف من أفعال عباد الله إلى الله ، أو ينفي شيئا من أفعال الله عن الله) وكل هذه الوجوه قد فعلته الفرقة الغوية ، المرتدة الشقية ، المسماة بالمطرفية ؛ لأنهم نفوا عن الله تعالى أفعاله ، وأضافوا أفعال العباد إلى الله ؛ لأن مذهبهم أن فعل العبد لا يعدوه ، ولا يوجد في غيره ؛ فقد نفوا أفعال الله عن الله ، وأنكروا حكما لا ينحصر ، وأضافوا إلى الله تعالى من أفعال العباد والقبائح ما لا ينحصر عدده في رسالتنا هذه ، وقد أباح القاسم عليهالسلام القتل والسبي ، وأخذ المال بإنكار حكمة واحدة ، أو إضافة فعل واحد من فعل الغير إلى الله. فاعلم ذلك وتأمله موفقا إن شاء الله تعالى.
[نفي أن يكون لله نعمة ومنّة]
ومن ذلك أنهم نفوا أن يكون لله تعالى نعمة ومنة على أحد من عباده لا مؤمن ولا كافر ؛ لأنهم قالوا : المؤمن أخذ ما أخذ من الرزق جزاء على عمله ، والكافر والفاسق مغتصبان لما في أيديهما ، وهذا مخالف لنصوص القرآن ؛ لأن القرآن جله امتنان على العباد ، كسورة الرحمن وغيرها (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) إلى آخر السورة. والآلاء هي النعم ، وقد ذكرنا إنهم ردوا من صريح كتاب الله تعالى ، والآي المحكم الظاهر أربعمائة آية وسبعا وثلاثين آية لا تحتمل آية منها التأويل ، لو
__________________
(١) (القتل والقتال) ، للإمام الأعظم القاسم بن إبراهيم ، مخطوط مكتبة برلين رقم ٤٨٧٦ ، وهو ضمن مجموع بمكتبة السيد العلامة عبد الرحمن شائم ، وبمكتبة السيد محمد بن يحيى بن المطهر.