قال القاضي حسين : هذا الّذي قاله القاضي أبو الطيّب خطأ ، فإن عمران صحابي لا تجوز لعنته ، وهكذا قرأت بخط القاضي تاج الدين السبكي ، وذكر أنه وجد حاشية على التعليقة ما نصه : هذا غلو من القاضي حسين ، وكيف لا يلعن عمران ، وقد فعل ما فعل! وطول من هذا المعنى.
قال القاضي تاج الدّين وعجب (١) من الأمرين ، وليس عمران صحابيا ، وإنما هو من الخوارج ، وقد أجابه عن أبياته المذكورة من القدماء بكر بن حماد التاهرتي ، وهو من أهل القيروان في عصر البخاري ، وأجاب عنها السيد الحميري الشاعر المشهور الشيعي ، وهي في ديوانه ، وأجابه عنها أبو المظفر الشهرستاني في كتابه التبصير.
وقد أخرج البخاري وأبو داود لعمران بن حطان ، من رواية يحيى بن أبي كثير ، عنه ، عن عائشة حديثا ، واعتذروا عنه بأنه إنما أخرج عنه لكونه تاب ، فقد ذكر المعافى في تاريخ الموصل ، عن محمد بن بشر العبديّ (٢) ، قال : ما مات عمران بن حطّان حتى رجع عن رأي الخوارج. وقيل : إنما خرج عنه ما حدّث به قبل أن يبتدع فقد قال يعقوب بن شيبة. أدرك جماعة من الصحابة ، وصار في آخر أمره أن رأى رأي الخوارج ، وكان سبب ذلك أنه تزوج ابنة عم له ، فبلغه أنها دخلت في رأي الخوارج ، فأراد أن يردّها عن ذلك فصرفته إلى مذهبها.
وقال يعقوب بن شيبة : حديثه (٣) عن الأصمعي ، عن معتمر بن سليمان عن عثمان البتيّ ، قال : كان عمران من أهل السنة ، فقدم غلام من عمان كأنه يصل بقلبه (٤) في مجلس.
وفي هذا الاعتذار نظر ، فإن يحيى بن أبي كثير إنما سمع منه حال هربه من الحجاج ، وكان الحجاج يطلبه ليقتله بسبب رأي الخوارج.
وقصته في ذلك مع روح بن زنباع ، وعبد الملك بن مروان ، مشهورة ، ذكرها المبرد وغيره.
واعتذر أبو داود عن التخريج له بأنّ الخوارج أصحّ أهل الأهواء حديثا ، ثم ذكر عمران وأنظاره ، وروى عن التّبوذكي ، عن أبان العطار ، قال : سمعت قتادة يقول : كان عمران لا يتّهم في الحديث.
__________________
(١) في أ : وعجبت.
(٢) في أ : العقدي.
(٣) في ه : حدث
(٤) في ه : يقدم غلام ... كأنه يصل فقليه ....