ذكره أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتاب له ، فقال : قدم فدفد بن خنافة البكري على أبي سفيان بمكة ، وكان فدفد فاتك بني بكر ، فاتّفق مع أبي سفيان على قتل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعشرين ناقة ، ودفع إليه خنجرا مسموما ، قال فدفد : خرجت من عند أبي سفيان وأنا نشوان. فلما صحوت فكّرت في عظيم ما أقدمت عليه ، فسرت حتى إذا كنت بالرّوحاء في ليلة مظلمة ما أرى موضع أخفاف الناقة ، فلاح لي وميض البرق ، وإذا بهاتف من جوف الوادي يقول :
رسول أتى من عند ذي العرش صادقا |
|
على طرق الخيرات للنّاس واقف |
[الطويل]
فظننته بعض السيارة ، وقصدت الصوت ، فلما بلغت موضعه تسمعت فلا حسّ ، فقفّ شعري ، وعلمت أنه بعض الجنّ ، فأنشأت أقول :
لك الخير قد أسمعتني قول هاتف |
|
ونبّهت حوسا قلبه غير خائف |
[الطويل]
فأجابني وكأنه تحت ناقتي :
لحا الله أقواما أرادوا محمّدا |
|
بسوء ولا أسقاهم صوب ماطر |
عكوفا على الأوثان لا يتركونها |
|
وقد أمّ دين الله أهل البصائر |
[الطويل]
فمضيت لوجهي ، وفيّ ما سمعت ، فأصبت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بني عبد الأشهل يتحدّث ، وقد أخبرهم عن كل ما اتفق ، وقال : سيطلع عليكم الآن ، فلا تهيجوه ، وكنت لا أعرفه ، فقلت لصبي : أين هو محمد القرشي الّذي قدم عليكم؟ فنظر إليّ متكرّها ، وقال : ويلك! ثكلتك أمك! لو لا أنك غريب جاهل لأمرت بقتلك! ألا تقول : أين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ هو ذاك عند النخلة العوجاء عند أصحابه ، فائته فإنك إذا رأيته أكبرته ، وشهدت بتصديقه ، وعلمت أنك لم تر قبله مثله ، قال : فنزلت عن راحلتي ، ثم أتيته ، فأخبرني بما اتفق لي مع أبي سفيان ومع الهاتف ، ثم دعاني إلى الإسلام فأسلمت ، وهو القائل :
ألا أبلغا صخر بن حرب رسالة |
|
بأنّي رأيت الحقّ عند ابن هاشم |
رأيت امرأ يدعو إلى البرّ والتّقي |
|
عليما بأحكام الهدى غير ظالم |
فأخبرني بالغيب عمّا رأيته |
|
وأسررته من معشر في مكاتم |
[الطويل]