كتاب الله ، فقال عمر : أخصم أنت أم شهيد؟ [٥٦٧] فقال : شهيد. فقال : قد أديت شهادتك. قال : فصمت الجارود ، ثم غدا على عمر ، فقال : أقم على هذا حدّ الله. فقال عمر : ما أراك إلا خصما ، وما شهد معك إلا رجل واحد فقال الجارود : أنشدك الله! فقال عمر : لتمسكنّ لسانك أو لأسوءنك. فقال : يا عمر ، ما ذلك بالحق أن يشرب ابن عمك الخمر وتسوءني! فقال أبو هريرة يا أمير المؤمنين ، إن كنت تشك في شهادتنا فأرسل إلى ابنة الوليد فاسألها ، وهي امرأة قدامة. فأرسل عمر إلى هند بنت الوليد ينشدها ، فأقامت الشهادة على زوجها ، فقال عمر لقدامة : إني حادّك فقال : لو شربت كما تقول ما كان لكم أن تحدوني فقال عمر : لم؟ قال قدامة : قال الله عزوجل : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا)(...) [المائدة : ٩٣] الآية. فقال عمر : أخطأت التأويل ، أنت إذا اتقيت الله اجتنبت ما حرّم الله.
ثم أقبل عمر على الناس ، فقال : ما ترون في جلد قدامة : فقالوا : لا نرى أن تجلده ما دام مريضا ، فسكت على ذلك أياما ، ثم أصبح وقد عزم على جلده ، فقال : ما ترون في جلد قدامة ، فقالوا : لا نرى أن تجلده ما دام وجعا. فقال عمر : لأن يلقى الله تحت السياط أحبّ إليّ من أن ألقاه وهو في عنقي ، ائتوني بسوط تام ، فأمر به فجلد.
فغاضب عمر قدامة وهجره ، فحجّ عمر ، وحجّ قدامة وهو مغاضب له ، فلما قفلا من حجّهما ونزل عمر بالسّقيا نام فلما استيقظ من نومه قال : عجّلوا بقدامة ، فو الله لقد أتاني آت في منامي ، فقال لي : سالم قدامة ، فإنه أخوك ، عجّلوا عليّ به ، فلما أتوه أبى أن يأتي ، فأمر به عمر أن يجرّوه إليه فكلمه واستغفر له.
وأخرجها أبو عليّ بن السّكن ، من طريق علي بن عاصم ، عن أبي ريحانة ، عن علقمة الخصي يقول : لما قدم الجارود على عمر ، قال : إن قدامة شرب الخمر. قال : من يشهد معك؟ قال : علقمة الخصي. قال : فأرسل إليّ عمر فقال : أتشهد على قدامة ، فقلت : إن أجزت شهادة خصي. قال : أما أنت فإنّا نجيز شهاتك فقلت : أنا أشهد على قدامة أني رأيته تقيّأ الخمر قال عمر : لم يقئها حتى شربها ، أخرجوا ابن مظعون إلى المطهرة ، فاضربوه الحدّ ، فأخرجوه فضرب الحد.
ووقع لنا بعلوّ في نسخة أبي موسى ، عن أبي مسلم الكجي ، عن محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن أشعث ، عن ابن سيرين أصل هذه القصة باختصار ، وسندها منقطع.
وقال عبد الرّزّاق أيضا ، عن ابن جريج ، عن أيوب : لم يحدّ أحد من أهل بدر في الخمر إلا قدامة بن مظعون ـ يعني بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.