من أهل الجاهلية ، وأول من توكّأ على عصا في الخطبة ، وأول من قال : أما بعد في [قول] ، وأول من كتب من فلان إلى فلان.
وفي رواية ابن الكلبيّ أن في آخر خطبته : لو على الأرض دين أفضل من دين قد أظلّكم زمانه ، وأدرككم أوانه ، فطوبى لمن أدركه فاتبعه ، وويل لمن خالفه ، وكانت العرب تعظّمه وضربت به شعراؤها الأمثال ، قال الأعشى في قصيدة له :
وأحلم من قسّ وأجرى من الّذي |
|
بذي الغيل من خفّان أصبح حادرا |
[الطويل]
وقال الحطيئة :
وأقول من قسّ وأمضى كما مضى |
|
من الرّمح إن مسّ النّفوس نكالها (١) |
[الطويل]
وقال لبيد :
وأخلف قسّا ليتني ولعلّني |
|
وأعيا على لقمان حكم التّدبّر (٢) |
[الطويل]
وأشار بذلك إلى قول قس بن ساعدة :
وما قد تولّى فهو قد فات ذاهبا |
|
فهل ينفعني ليتني ولعلّني |
[الطويل]
وقال المرزبانيّ ، ذكر كثير من أهل العلم أنه عاش ستمائة سنة ، وكان خطيبا حكيما عاقلا له نباهة وفضل ، وأنشد المرزبانيّ لقسّ بن ساعدة :
يا ناعي الموت والأموات في جدث |
|
عليهم من بقايا بزّهم فرق |
دعهم فإنّ لهم يوما يصاح بهم |
|
كما ينبّه من نوماته الصّعق |
[البسيط]
وقد أفرد بعض الرواة طريق حديث قس ، وفيه شعره ، وخطبته ، وهو في «المطوّلات»
__________________
(١) البيت للحطيئة كما في ديوانه ص ٢٢٨ وبعده
وأدم كأرآم الظّباء وهبتها |
|
مراسيل مشدود عليها رحالها |
وقس بن ساعدة كان من أخطب الناس ، والنكال : العذاب.
(٢) البيت للبيد بن ربيعة كما في ديوانه ص ٧١ ، ويروى : وأخلف قسا : قس بن ساعدة الإيادي ، لقمان : صاحب النسور.