الصّبيان في الكتّاب مع القرآن القرآن كذا وكذا. فنحن لا نرضى بإمارته.
فمنعهم من ذلك وناظرهم. وحكى حنبل قصده في مناظرتهم وأمرهم بالصّبر.
فبينا نحن في أيّام الواثق إذ جاء يعقوب ليلا برسالة إسحاق بن إبراهيم إلى أبي عبد الله : يقول لك الأمير إنّ أمير المؤمنين قد ذكرك ، فلا يجتمعنّ إليك أحد ، ولا تساكنّي بأرض ولا مدينة أنا فيها. فاذهب حيث شئت من أرض الله.
فاختفى أبو عبد الله بقيّة حياة الواثق. وكانت تلك الفتنة ، وقتل أحمد بن نصر ، فلم يزل أبو عبد الله مختفيا في غير منزله في القرب. ثمّ عاد إلى منزله بعد أشهر أو سنة لمّا طغى خبره. ولم يزل في البيت مختفيا لا يخرج إلى الصّلاة ولا غيرها حتّى هلك الواثق.
وعن إبراهيم بن هاني قال : اختفى أحمد بن حنبل عندي ثلاثة أيّام ثم قال : اطلب لي موضعا.
قلت : لا آمن عليك.
قال : افعل. فإذا فعلت أفدتك.
فطلبت له موضعا ، فلمّا خرج قال لي : اختفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الغار ثلاثة أيّام ، ثم تحوّل.
قلت : أنا أتعجّب من الحافظ أبي القاسم كيف لم يسق المحنة ولا شيئا منها في «تاريخ دمشق» مع فرط استقصائه ، ومع صحّة أسانيدها ، ولعلّ له نيّة في تركها.
فصل في حال أبي عبد الله أيّام المتوكّل
قال حنبل : ولي جعفر المتوكّل فأظهر الله السّنّة وفرّج عن النّاس ، وكان أبو عبد الله يحدّثنا ويحدّث أصحابه في أيّام المتوكّل ، وسمعته يقول : ما كان النّاس إلى الحديث والعلم أحوج منهم في زماننا.
ثمّ إنّ المتوكّل ذكره وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم في إخراجه إليه. فجاء رسول إسحاق إلى أبي عبد الله يأمره بالحضور ، فمضى أبو عبد الله ثم رجع فسأله