ثم ذكر صالح كتاب وصيّته ثم قال : وبعث إليه المتوكّل بألف دينار ليقسمها ، فجاء عليّ بن الجهم في جوف اللّيل ، فأخبره أنّه يهيّئ له حرّاقة لينحدر فيها. ثم جاء عبيد الله ومعه ألف دينار وقال : إنّ أمير المؤمنين قد أذن لك ، وقد أمر لك بهذه.
قال : قد أعفاني أمير المؤمنين ممّا أكره ، فردّها.
وقال : أنا رقيق على البرد ، والظّهر (١) أرفق بي. فكتب له جواز ، وكتب إلى محمد بن عبد الله في برّه وتعاهده ، فقدم علينا.
ثم قال بعد قليل : يا صالح. قلت : لبّيك.
قال : أحبّ أن تدع هذا الرزق ، فإنّما تأخذونه بسببي.
فسكتّ ، فقال : ما لك؟
قلت : أكره أن أعطيك بلساني وأخالف إلى غيره ، وليس في القوم أكثر عيالا منّي ولا أعذر. وقد كنت أشكو إليك وتقول. أمرك منعقد بأمري ، ولعلّ الله أن يحلّ عنّي هذه العقدة. وقد كنت تدعو لي. فأرجو أن يكون الله قد استجاب لك.
فقال : والله لا تفعل.
فقلت : لا.
فقال : لم فعل الله بك وفعل (٢)؟
ثم ذكر قصّة في دخول عبد الله ، وقوله له وجوابه له ، ثم دخول عمّه عليه وإنكاره الأخذ ، إلى أن قال : فهجرنا وسدّ الباب بيننا وبينه ، وتحامى منازلنا أن يدخل منّا إلى منزله شيء. ثمّ أخبر بأخذ عمّه فقال : نافقني ، وكذبني. ثم هجره وترك الصّلاة في المسجد ، وخرج إلى مسجد خارج يصلّي فيه (٣).
ثم ذكر قصّة دعائه صالحا ومعاقبته في ذكره ، ثمّ في كتابته إلى يحيى بن
__________________
(١) في الأصل ، وحلية الأولياء ٩ / ٢١٣ «والطهر» بالطاء المهملة ، وما أثبتناه يتفق مع : سير أعلام النبلاء ١١ / ٢٧٨.
(٢) حلية الأولياء ٩ / ٢١٣.
(٣) الحلية ٩ / ٢١٤.