[بيعة المستعين بالله]
وبويع بعده المستعين بالله أبو العبّاس أحمد بن المعتصم. وأمّه أمّ ولد ، اسمها مخارق (١).
وكان مليحا أبيض ، بوجهه أثر جدريّ ، وكان ألثغ.
ولمّا هلك المنتصر اجتمع القوّاد وتشاوروا ، وذلك برأي ابن الخصيب ، فقال لهم أو تامش : متى وليتم أحدا من ولد المتوكّل لا يبقى منّا باقية.
فقالوا : ما لها إلّا أحمد بن المعتصم ولد أستاذنا.
فقال محمد بن موسى المنجّم سرّا : أتولّون رجلا عنده أنّه أحقّ بالخلافة من المتوكّل وأنتم دفعتموه عنها؟ ولكن اصطنعوا إنسانا يعرف ذلك لكم.
فلم يقبلوا منه ، وبايعوا أحمد المستعين وله ثمان وعشرون سنة.
فاستكتب أحمد بن الخصيب ، واستوزر أوتامش. فبينا هو قد دخل دار العامّة في دست الخلافة ، إذا جماعة من الشّاكريّة والغوغاء وبعض الجند ، وهم نحو ألف ، قد شهروا السّلاح وصاحوا : المعتزّ يا منصور (٢).
[فتنة الغوغاء]
ونشبت الحرب بين الفريقين ، وقتل جماعة. فخرج المستعين عن دار العامّة وأتى إلى القصر الهارونيّ ، فبات به. ودخل الغوغاء دار العامّة ، فنهبوا خزائن السّلاح ، ونهبوا دورا عديدة. وكثرت الأسلحة واللّامة (٣) عليهم ، فأجلاهم بغا الصّغير عن دار العامّة ، وكثرت القتلى بينهم. فوضع المستعين العطاء
__________________
(١) انظر عن بيعة المستعين في :
تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٩٤ ، وتاريخ الطبري ٩ / ٢٥٥ و ٢٥٦ ، ومروج الذهب ٤ / ١٤٤ ، والتنبيه والإشراف ٣١٥ ، وتاريخ حلب للعظيميّ ٢٥٩ ، والإنباء في تاريخ الخلفاء ١٢٣ ، ونهاية الأرب ٢٢ / ٣٠١ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٣٧٩ ، وتاريخ الخلفاء ٣٥٨.
(٢) في تاريخ الطبري ٩ / ٢٥٧ : «وصاحوا : يا معتزّ يا منصور» ، وفي الكامل في التاريخ ٧ / ١١٧ :
«نفير ، يا منصور» ، والبداية والنهاية ١١ / ٢.
(٣) في تاريخ الطبري ٩ / ٢٥٧ : السلاح والدروع والجواشن واللجم المغربية.
و «اللامة» أو «اللأمة» : هي الخوذة التي تقي رأس الفارس.