فكلح وجهه ثمّ أطرق ، ثم قال : هذا قد أظهر رأي جهم. قال الله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) (١) فممّن يسمع؟
إنّما جاء بلاؤهم من هذه الكتب الّتي وضعوها. تركوا آثار رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، وأقبلوا على هذه الكتب (٢).
وقال ابن عديّ (٣) : سمعت محمد بن عبد الله الصّيرفيّ الشّافعيّ يقول لهم ، يعني التّلامذة : اعتبروا بهذين : حسين الكرابيسيّ ، وأبو ثور. فالحسين في علمه وحفظه ، وأبو ثور لا يعشره في علمه ، فتكلّم فيه أحمد بن حنبل في باب اللّفظ فسقط ، وأثنى على أبي ثور ، فارتفع للزومه السّنّة.
توفّي سنة ثمان ، وقيل : سنة خمس وأربعين ومائتين.
وقال أبو جعفر محمد بن الحسين بن هارون الموصليّ : سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل. قلت : أنا رجل من أهل الموصل ، والغالب على بلدنا الجهميّة ، وقد وقعت مسألة الكرابيسيّ «نطقي بالقرآن مخلوق». فقال : إيّاك وهذا الكرابيسيّ ، لا تكلّمه ، ولا نكلّم من يكلّمه.
قلت : وهذا القول وما يتشعّب منه يرجع إلى قول جهم؟
قال : هذا كلّه من قول جهم (٤).
١٥٦ ـ الحسين بن عليّ بن جعفر بن زياد الأحمر الكوفيّ (٥) ـ د. ـ
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية ٦.
(٢) تاريخ بغداد ٨ / ٦٦.
(٣) في الكامل ٢ / ٧٧٦ ، ٧٧٧.
(٤) الكامل لابن عديّ ٢ / ٧٧٥.
وقال ابن عديّ : «والحسين الكرابيسي له كتب مصنّفة ذكر فيها اختلاف الناس من المسائل وكان حافظا لها ، وذكر في كتبه أخبارا كثيرة ولم أجد منكرا غير ما ذكرت من الحديث ، والّذي حمل أحمد بن حنبل عليه من أجل اللفظ في القرآن ، فأما في الحديث فلم أر به بأسا». (الكامل ٢ / ٧٧٦).
(٥) انظر عن (الحسين بن علي بن جعفر) في :