قال : مقبول منك يا أبا عبد الله ، استغفر الله وأتوب إليه ، إنّي لست أطلبهم ، ولا أدقّ أبوابهم ، لكن أسمعهم يتكلّمون بالكلام ، وليس أحد يردّ عليهم فأغتمّ ، ولا أصبر حتّى أردّ عليهم.
قال : إن جاءك مسترشد فأرشده. قالها مرارا.
قال الخلّال : أنا محمد بن هارون ، ومحمد بن جعفر ، أنّ أبا الحارث حدّثهم قال : سألت أبا عبد الله قلت : إنّ هاهنا من يناظر الجهميّة يبيّن خطأهم ، ويدقّق عليهم المسائل ، فما ترى؟
قال : لست أرى الكلام في شيء من هذه الأهواء ، ولا أرى لأحد أن يناظرهم. أليس قال معاوية بن قرّة : الخصومات تحبط الأعمال. والكلام رديء لا يدعو إلى خير. تجنّبوا أهل الجدال والكلام ، وعليك بالسّنن ، وما كان عليه أهل العلم قبلكم ، فإنّهم كانوا يكرهون الكلام والخوض مع أهل البدع. وإنّما السّلامة في ترك هذا. لم نؤمر بالجدال والخصومات.
وقال : إذا رأيتم من يحبّ الكلام فاحذروه.
قال ابن أبي داود : ثنا موسى بن عمران الأصبهانيّ : سمعت أحمد بن حنبل يقول : لا تجالس أصحاب الكلام ، وإن ذبّوا عن السّنّة.
وقال الميمونيّ : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما زال الكلام عند أهل الخير مذموما.
قلت : ذمّ الكلام وتعلّمه قد جاء من طرق كثيرة عن الإمام أحمد ، وغيره.
فصل في سيرته
قال الخلّال : قلت لزهير بن صالح بن أحمد : هل رأيت جدّك؟
قال : نعم ، مات وقد دخلت في عشر سنين. كنّا ندخل إليه كلّ يوم جمعة أنا وإخوتي ، وكان بيننا وبينه باب. وكان يكتب لكلّ واحد منّا حبّتين حبّتين من فضّة في رقعة إلى فاميّ (١) يعامله ، فنأخذ منه الحبّتين ، وتأخذ الأخوات.
__________________
(١) الفاميّ : الصائغ.