وقال بعض النّاس : ولي سعيد قضاء الكوفة ، ومات سنة ثلاث وثلاثمائة.
وهذا لا يصحّ. فإنّ سعيدا ولد قبل موت أبيه ، ومات قبل موت أخيه عبد الله بدهر. لأنّ إبراهيم الحربيّ عزّى عبد الله بأخيه سعيد.
وأمّا الحسن ، ومحمد. قال ابن الجوزيّ : فلا نعرف من أخبارهما شيئا.
وأمّا زينب فكبرت وتزوّجت. وله بنت اسمها فاطمة ، إن صحّ ذلك.
ذكر المحنة
ما زال المسلمون على قانون السّلف من أنّ القرآن كلام الله تعالى ووحيه وتنزيله غير مخلوق ، حتّى نبغت المعتزلة والجهميّة ، فقالوا بخلق القرآن ، متستّرين بذلك في دولة الرشيد. فروى أحمد بن إبراهيم الدّورقيّ ، عن محمد بن نوح ، أنّ هارون الرشيد قال : بلغني أنّ بشر بن غياث يقول : القرآن مخلوق. لله عليّ إن أظفرني به لأقتلنّه.
قال الدّورقيّ : وكان بشر متواريا أيّام الرشيد ، فلمّا مات ظهر بشر ودعي إلى الضّلالة.
قلت : ثمّ إنّ المأمون نظر في الكلام ، وباعث المعتزلة ، وبقي يقدّم رجلا ويؤخّر أخرى في دعاء النّاس إلى القول بخلق القرآن ، إلى أن قوي عزمه على ذلك في السّنة الّتي مات فيها ، كما سقناه.
قال صالح بن أحمد بن حنبل : حمل أبي ، ومحمد بن نوح مقيّدين ، فصرنا معهما إلى الأنبار ، فسأل أبو بكر الأحول أبي فقال : يا أبا عبد الله ، إن عرضت على السّيف تجيب؟.
قال : لا.
ثمّ سيّرا ، فسمعت أبي يقول : صرنا إلى الرّحبة ودخلنا فيها ، وذلك في جوف اللّيل ، فعرض لنا رجل فقال : أيّكم أحمد بن حنبل؟
فقيل له : هذا.
فقال للجمّال : على رسلك. ثمّ قال : يا هذا ، ما عليك أن تقتل هاهنا وتدخل الجنّة. ثمّ قال : أستودعك الله ، ومضى.