الإلجاء
ولما عرض في الكلام الإلجاء تكلمنا عليه.
وجملة القول في ذلك ، أن الإلجاء على ضربين : أحدهما يكون بطريقة المنع ، والثاني بطريقة المنافع والمضار.
أما ما يكون بطريقة المنع ، فهو كأن يعلم أحدنا أنه إذا حاول استنزال الملك عن سريره ، أو الزنى بابنته بين يديه ، فإنه يمنع عن ذلك ويقتل دونه ، فإنه والحال هذه يكون ملجأ إلى أن لا يفعل ، وإما أن يكون ملجأ بطريقة المنافع والمضار ، فهو كان يعلم أحدنا أن تحت قدميه كنزا ، فإنه يكون ملجأ إلى استخراجه والانتفاع به.
ما يلزم معرفته من هذا الباب
ثم إنه رحمهالله بين في آخر الفصل ما يلزم المكلف معرفته في هذا الباب.
وجملة ذلك أنه يجب أن يعلم أنه تعالى كان غنيا فيما لم يزل ، ويكون غنيا فيما لا يزال ، ولا يجوز خروجه عنها بحال من الأحوال. والكلام في ذلك مثل الكلام في كونه حيا ، لأن المرجع في كونه غنيا ليس إلا إلى كونه حيا لا تجوز عليه الحاجة. فهذه طريقة القول في هذا الفصل.
فصل والغرض به الكلام في أنه تعالى لا يجوز أن يكون جسمه
ومما يجب نفيه عن الله تعالى كونه جسما. وقيل الدلالة على ذلك وذكر الخلاف فيه ، نذكر حقيقة الجسم.
حقيقة الجسم
فاعلم أن الجسم ، هو ما يكون طويلا عريضا عميقا ، ولا يحصل فيه الطول والعرض والعمق إلا إذا تركب من ثمانية أجزاء ، بأن يحصل جزءان في قبالة الناظر ويسمى طولا وخطا ، ويحصل جزءان آخران عن يمينه ويساره منضمان إليهما ، فيحصل العرض ويسمى سطحا أو صفحة ، ثم يحصل فوقها أربعة أجزاء مثلها فيحصل العمق ، وتسمى الثمانية أجزاء المركبة على هذا الوجه جسما. هذا هو حقيقة الجسم في اللغة. والذي يدل عليه ، أن أهل اللغة متى شاهدوا جسمين قد اشتركا في الطول والعرض والعمق ، وكان لأحدهما مزية على الآخر قالوا : هذا أجسم من ذلك ، يدل على هذا