الخلاف مع المجبرة :
والخلاف في ذلك مع المجبرة :
فإن منهم من ذهب إلى أن هذه الأفعال مخلوقة لله تعالى فينا لا تعلق لها بنا أصلا ، لا اكتسابا ولا إحداثا وإنما نحن كالظروف لها ، وهم الجهمية أصحاب جهم بن صفوان.
ومنهم من ذهب إلى أن لها بنا تعلقا من جهة الكسب وإن كانت مخلوقة فينا من جهة الله تعالى.
ثم اختلفوا ، فمنهم من سوى في هذه القضية بين المباشر المتولد وهو ضرار بن عمرو ، ومنهم من قال : إن المباشر خلق الله تعالى فينا متعلق بنا من حيث الكسب ، وأما المتولد فإن الله تعالى منفرد بخلقه.
حقيق الفعل :
وقبل الشروع في المسألة نذكر حقيقة الفعل.
فالفعل على ما ذكره في الكتاب ، هو ما يحصل من قادر من الحوادث. وهذا يوهم أن الفاعل يجب أن يكون قادرا حال وقوع الفعل لا محالة وليس كذلك ، فإن الرامي ربما يرمي ويموت قبل الإصابة. فالأولى أن يقال في حقيقة الفعل : هو ما وجد وكان الغير قادرا عليه. فلا يتوجه عليه الاعتراض الذي وجهناه على الأول.
ثم إن بين المحدث وبين الفعل فرقا ، وهو أن المحدث يعلم محدثا وإن لم يعلم أن له محدثا ، وليس كذلك الفعل ، فإنه إذا علم فعلا علم أن له فاعلا ما وإن لم يعلمه بعينه.
ولهذا عاب قاضي القضاة علي الأشعري في نقض اللمع استدلاله على أن للعالم صنعا بقوله : قد ثبت أن العالم صنع فلا بد له من صانع ، فقال : إن العلم بأن العالم صنع يتضمن العلم بأن له صانعا ، فكيف يصح هذا الاستدلال؟.
فحصل من هذه الجملة ، أنه إذا علم الفعل فعلا يعلم أن له فاعلا ما على الجملة وإنما يقع الكلام بعد ذلك في تعيين الفاعل.
وإذا أردت أن تعلم الفاعل بعينه ، فلك فيه طريقان : أحدهما : أن تختبر حاله ،