الجزاء على ما يخلقه فينا قبيحا.
(وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ).
ومن ذلك ، قوله تعالى : (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [النساء : ٧٩] وقوله : (وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) [الحديد : ٨] فلو لا أن الإيمان موقوف على اختيارنا وإلا كان لا يستقيم هذا الكلام ، ويجري مجرى أن يقول لهم : ما لهم لا يسودّون ، وما ذا عليهم لو اسودوا؟ وذلك مما لا يجوز. وكان للخصم أن يقول : أنت الذي منعتني عن الإيمان بأشد منه ، لم تخلقه فيّ وخلقت فيّ ضده الذي هو الكفر.
(فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ).
ومن ذلك ، قوله تبارك وتقدس وتعالى : (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩)) [المدثر : ٤٩] وذلك إنما يصح إذا لم يكن الإعراض من قبله ، فأما إذا كان هو الذي منعهم عن التذكرة وخلق فيهم الإعراض عنه ، فلا وجه لهذا التوبيخ والسؤال.
(فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ).
ومن ذلك ، قوله : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) [الكهف : ٢٩] فقد فوض الأمر في ذلك إلى اختيارنا. فلو لا أن الكفر والإيمان متعلقان بنا ومحتاجان إلينا ، وإلا كان لا معنى لهذا الكلام ولتنزل منزلة قوله : من شاء فليسود ، ومن شاء فليبيض ، فكما أن ذلك سخف لأن الاسوداد والإبياض غير متعلقين بنا ، كذلك في مسألتنا.
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ).
ومن جملة ذلك ، قوله تعالى وتقدس : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) [التغابن : ٢] أورد الآية على وجه التوبيخ ، وذلك لا يحسن إلا بعد احتياج الكفر والإيمان إلينا وتعلقهما بنا ، وإلا كان ذلك بمنزلة أن يوبخ أحدنا على طول قامته وقصرها ، فيقال : قد أنعمنا عليك وصنعنا بك وفعلنا ، فقصرت قامتك أو طالت.
(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً).
ومن ذلك ، قوله تعالى وتنزه : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً) [ص : ٢٧] نفى الله تعالى أن يكون في خلقه باطل ، فلو لا أن هذه القبائح وغيرها من التصرفات