نجيب عن قوله إذا قال : كما لا يجوز أن نعلق معلول العلة بالفاعل لوجوبه عند وجود العلة ، كذلك في مسألتنا ، فإنا قد ذكرنا أن وجود المسبب لا يجب عند حصول السبب ، فإنه لا يمتنع أن يعرض عارض فيمنعه من التوليد ، وليس كذلك معلول العلة فإنه يجب عند وجود العلة ، حتى يستحيل مع وجودها أن لا يثبت ، ففارق أحدهما الآخر.
يبين ذلك ، أن ذات المسبب ذات منفصلة عن السبب ، حادثة كهو. فكما أن السبب يضاف إلى الفاعل فكذلك المسبب ، فيجب أن تستوي الحوادث في كونها مضافة إلى الفاعل ، وإن كانت تختلف كيفية الإضافة ، ففيها ما يتعلق به بلا واسطة كالمبتدإ ، وفيها ما لا يتعلق به إلا بواسطة وهو المتولد. فهذا تمام الكلام في المتولدات ، وهذا آخر الفصل.
فصل في الاستطاعة :
وهو الكلام في أن القدرة متقدمة لمقدورها غير مقارنة له.
ووجه اتصاله بباب العدل ، أنه يلزم على القول بمقارنتها للمقدور تكليف ما لا يطاق ، وذلك قبيح ، ومن العدل أن لا يفعل القبيح.
المقدورات نوعان :
١. مبتدأ كالإرادة
٢. متولد كالصوت :
فإذا عرفت هذا ، فاعلم أن المقدورات على ضربين : مبتدأ كالإرادة ، ومتولد كالصوت.
فالمبتدأ يجب أن تكون القدرة متقدمة عليه بوقت ، ثم في الثاني يصح منه فعله.
والمتولد على ضربين :
أحدهما : يتراخى عن سببه كالإصابة مع الرمي.
الثاني : لا يتراخى كالمجاورة مع التأليف.