ومتى لم نعلمه على هذه الصفة لم نعلم قبحه وإن علمنا ما علمنا. فبان أنه إنما يقبح لكونه تكليفا لما لا يطاق.
المجبرة على فرقتين :
١ ـ القدرة مقارنة وغير صالحة للضدين.
٢ ـ القدرة مقارنة وصالحة للضدين :
واعلم أن المجبرة على فرقتين :
فرقة تقول : إن القدرة مقارنة لمقدورها غير صالحة للضدين ، والكلام عليهم ما تقدم.
الأدلة على عدم جواز مقارنة القدرة لمقدورها ، سواء كانت قادرة على الضدين أو غير قادرة :
وفرقة تقول : إن القدرة مقارنة لمقدورها صالحة للضدين ، وهذا إنما أخذوه عن ابن الراوندي ، ظنا منهم أنه ينجيهم عن ارتكاب القول بتكليف ما لا يطاق. ولا فرج لهم عن ذلك أيضا ، لأن القدرة إذا كانت مقارنة لمقدورها صالحة للضدين ، يجب أن يوجد من الكافر الكفر والإيمان معا ، أو يكون تكليفه بالإيمان تكليفا بما لا يطاق ، وأي القولين كان فهو فاسد.
وبعد ، فإن قولهم إن القدرة مقارنة لمقدورها صالحة للضدين متناقض ، لأنا إذا قلنا إن القدرة صالحة للضدين فإنما نعني به أنه يصح من القادر أيهما شاء ، وذلك يقتضي تقدمها ، وهذا مع القول بأن القدرة مقارنة لمقدورها مما لا يتأتى ، فتناقض.
وبعد ، فلو كانت القدرة صالحة للضدين على ما ذكروه ، لكان لا يكون أحد الضدين بالوقوع أولى من صاحبه إلا بأمر ومخصص ، وليس هاهنا أمر يمكن الإشارة إليه ، فيجب القول باجتماع الضدين ، وذلك محال.
فإن قال : كما لا يلزمكم على القول بأن القدرة صالحة للضدين أن يجتمع الضدان ، كذلك لا يلزمنا.
قلنا : إنكم جعلتم القدرة موجبة لمقدورها مقارنة له فيلزمكم ذلك ولا يلزمنا لأنا