الجواب عن الأول ، فنقول.
أقسام الآلات :
فمنها : ما يجب تقدمها ولا يجب مقارنتها وذلك كلما يكون وصلة إلى الفعل ، نحو القوس وما يجري مجراها ، فإنها لا بد أن تكون متقدمة على الإصابة حتى يصح استعمالها فيها ، ولهذا يصح أن تنكسر ولما وقعت الإصابة بعد.
ومنها : ما يجب تقدمها ومقارنتها جميعا ، وذلك كلما يكون محلا للفعل وما يجري مجراها ، نحو اللسان ، فإنه يجب تقدمه حتى يكون معينا على الكلام ، ويجب مقارنته حتى يكون محلا. وأما ما يجري مجراه فكالسكين فإنه يجب تقدمه حتى يحصل به الذبح ، ويجب مقارنته لأن الذبح إنما يحصل بأن يتخلل السكين في المحل المفري.
ومنها : ما يجب مقارنتها ولا يجوز فيها التقدم ، وذلك كصلابة الأرض في التصرف فإنها ينبغي أن تكون ثابتة في الحال ولا يجب تقدمها.
فهذه قسمة الآلات.
أقسام المعاني : القدرة ، العلم ، الإرادة :
فكما أن الآلات تنقسم هذه القسمة ، فكذلك المعاني التي يحتاج الفعل في الوقوع إليها من القدرة والعلم والإرادة تنقسم.
فمنها : ما يجب تقدمها ، ومنها ما يجب مقارنتها ، ومنها ما يجب فيه كلا الأمرين.
إذا ثبت هذا ، فلنا أن ننظر أن القدرة من أي هذه الأقسام هي ، فنظرنا فإذا هي من قسمة ما يجب تقدمها ، لأنها كالوصلة إلى الفعل ، كالقوس فإنها إنما وجب تقدمها على الإصابة لما كانت وصلة إليه ، وإذا كان ذلك كذلك فقد فسد ما قالوه وصح الجواب عنه. هذا هو الجواب عن السؤال الثاني.
وأما الجواب عن السؤال الأول فعلى طريق الجملة ، هو أن نقول :
إن القديم لم يكلف المعدوم ولا الضعيف ولا العاجز أن يأتي بالفعل وهو على هذه الأحوال ، وإنما كلفه الفعل بعد الإيجاد والإحياء والإقدار والتمكين وإزاحة العلة باللطف وغيره ، ففسد ظنكم.