أنهم إذا بلغوا كفروا ، فهلا جوزتم أن يخلق الله تعالى كثيرا من الأحياء في نار جهنم ويعذبهم فيه ويحسن ذلك منه ، لأنه علم من أحوالهم أنهم إذا خلقوا وكلفوا كفروا ، وقد عرفنا فساده ، وبعد فكان يحب أن تقام عليهم هذه الحدود على وجه العقوبة ، لأن المعلوم من حالهم أنهم لو بلغوا ارتكبوا هذه الكبائر من القذف والزنا والسرقة ، ومعلوم خلافه.
ومن بله المجبرة من قال : إن الله تعال؟ يأمر أطفال المشركين يوم القيامة بدخول النار فلا يأتمرون ويعصون الله تعالى ، فيستوجبون العقوبة بذلك. وجوابنا : لم خصصتم هذا بأولاد الكفرة ، وهلا قلتم ذلك في غيرهم من الأطفال؟ على أن هذا يوجب أن تكون دار الآخرة دار تكليف ، والدلالة قد دلت على خلافه.
الاستدلال بالأخبار
وربما يتعلقون بالأخبار فيقولون : أليس أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لما سألته خديجة عن أطفال لها كانوا في الجاهلية : «لو شئت لأسمعتك في النار» وجوابنا أن هذا الخبر من أخبار الآحاد ، ومسألتنا طريقها العلم.
وبعد ، فلو صح هذا الخبر فالمراد بالأطفال : والطفل قد يذكر ويراد به البالغ ، قال الشاعر :
عرصت بعامر والخيل تردى |
|
بأطفال الحروب مشمرات |
وأحد ما يتعلقون به في هذا الباب ، أن حكم أطفال المشركين حكم آبائهم في الاسم والحكم ، فيجب أن يكون حكمهم حكم آبائهم في التعذيب.
وجوابنا ، أنا لا نسلم أن حكمهم حكم آبائهم في الاسم ، لأن المعلوم الذي لا يشكل أن ابن يومين لا يسمى مشركا ولا يهوديا ولا نصرانيا ، وأما في الحكم فإنهم لا يذمون على كفر آبائهم ، ولا تؤخذ منهم الجزية ، وغير ذلك من الأحكام ، وأما المنع من المناكحة والموارثة والدفن في مقابر المسلمين ، فلكي يكون تمييزا بينهم وبين أطفال المسلمين لا غير.
قالوا : كيف يصح هذا ، ومعلوم أن حكمهم حكم آبائهم في السبي والقتل؟ قلنا : أما السبي فليس هو على طريق العقوبة ، وإنما يكون على طريق الابتلاء والامتحان من جهة الله تعالى ، والله تعالى يعوضهم على ذلك أعواضا عظيمة موفية على ذلك ، وصار