الحال فيه كالحال في الآلام النازلة بالأطفال وغير الأطفال ، وأما القتل فلا نسلمه فإن النبي صلىاللهعليهوسلم نهى عن قتل أولاد الكفرة والنساء والبهائم ، ومتى تستروا بأولادهم فإنما يجوز قتلهم لأن ذلك ليس بعقوبة لهم وإنما هو تشديد على الكفرة ، والله تعالى يعوضهم على ذلك أعواضا توفى عليها.
فإن قيل : أليس قد روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم «كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه» قلنا : هذا الخبر يدل على صحة ما نذهب إليه ولا تعلق لكم بهذا الخبر ، ففيه أن كل مولود يولد على الفطرة ، ومن مذهبكم أن بعض المولودين يولدون على الفطرة والبعض الآخر يولدون على الكفر ، فكيف يصح قولكم ذلك؟
وأيضا ، فيه أن أبويه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ، ومن مذهبكم أنه تعالى المتولى كل ذلك ، وأنه على الحقيقة يهوده ويمجسه وينصره. ثم نقول : إن المراد بالخبر أن أبويه يلقنانه اليهودية والنصرانية والتمجس لا أنه يصير ذلك ، فعلى هذا يجري الكلام في هذا الفصل.
فصل في الآلام
اعلم ، أن للجهل بوجه حسن الآلام وقبحها ضل كثير من الناس.
واعتقد بعضهم أن الآلام قبيحة كلها ، والملاذ حسنة كلها ، فأثبتوا لذلك فاعلين ، لما اعتقدوا أن الفاعل الواحد لا يجوز أن يكون فاعلا لها جميعا ، وهم الثنوية.
واعتقد آخرون أن الآلام لا تحسن إلا مستحقة وقصروا حسنها على هذا الوجه ، ثم لما رأوا وصول هذه الآلام إلى الأطفال والبهائم الذين لا يستحقونها تحزبوا :
فقال بعضهم : إنهم كانوا في قالب آخر فعصوا الله تعالى فيه فنقلهم إلى هذا القالب وعاقبهم بهذه العقوبات ، وهم أصحاب التناسخ ، فنفوا أن يكون الحي والحساس هذه الجملة المشار إليها وأثبتوا غيرها.
وآخرون استصغروا هذه المقالة من أهل التناسخ ، فدفعوا المحسوسات ، وقالوا : إن الأطفال والبهائم لا يحسون شيئا من هذه الآلام البتة ، وهم البكرية وينسبون إلى ابن أخت عبد الواحد.
واعتقد الجبرية أن الآلام يعتبر حسنها وقبحها بحال فاعلها ، فإن كان فاعلها القديم جل وعز يحسن منه سواء كان ظلما أو اعتبارا ، وإن كان فاعلها الواحد منا لا